للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«خَاطَبَ القُرْآنُ مَرْيَمَ عَلَى لِسَانِ قَوْمِهَا بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ عِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ، بِقَوْلِهِ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (١)» ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ تَكُونُ مَرْيَمُ أُخْتَ مُوسَى التِي عَاشَتْ قَبْلَ المَسِيحِ بِأَلْفٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ هِي أُمُّ المَسِيحِ؟». ولكن (بلس) لم يعرف أن هذا من باب الكناية في علم البلاغة، ومؤداه: مريم التي تشبه (في العفة) ابنة عمران أخت هارون، كما نقول نحن مثلاً: «يَا أَخَا العَرَبِ» مَدْحًا لِرَجُلٍ لاَ صِلَةَ لَهُ بِالعَرَبِ أَحْيَانًا.

وكذلك أساء (أدولف فيزمار) (٢)، وهو دكتور في الفلسفة، فَهْمَ قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (٣). ولم يفهم المعنى الصحيح البسيط وأن الجملة استفهام إنكاري لا استفهام عادي، كأن نقول لإنسان: أَلاَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مِنَ النَّاجِحِينَ!

الإِسْلاَمُ وَالسَّيْفُ:

وبعد الأخطاء الدالة على جهل المبشرين تأتي سلسلة طويلة من التحامل والافتراء. وأشهر هذه التهم أن الإسلام قام بالسيف (٤). قال (نِلْسُونْ) (٥): «وَأَخْضَعَ سَيْفُ الإِسْلاَمِ شُعُوبَ أَفْرِيقِيَا وَآسْيَا شَعْبًا بَعْدَ شَعْبٍ» (٦). ويزعم (لطفي ليفونيان): «أَنَّ تَارِيخَ الإِسْلاَمِ كَانَ سِلْسِلَةً مُخِيفَةً مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَالحُرُوبِ وَالمَذَابِحِ» (٧). ولا أريد أن أستشهد بكل ما قيل في ذلك، ولكني أحب أن أجلو النقطة التالية فقط.

قسم الإسلام الناس عربًا وغير عرب. أما العرب فلم يكن يقبل منهم إلا الإسلام، فمن أبى منهم قتل. وذلك واضح في تسع وعشرين آية من سورة براءة أو التوبة (٨). هذه الآيات تتعلق بمشركي العرب، ذلك لأن الدين الذي نشأ في بلاد العرب وجب أن يعتنقه جميع العرب. أما من ليسوا عَرَبًا من اليهود والنصارى فإن الإسلام يعرض عليهم،


(١) " القرآن الكريم ". [سورة مريم، الآية: ٢٨].
(٢) Adolf H. Wismar, Ph. D.
(٣) " القرآن الكريم " [سورة يونس، الآية: ٩٩].
(٤) Richter ٢, and others.
(٥) Rev. W. S. Nelson.
(٦) Islam and Missions ٤٣.
(٧) Levonian ٩.
(٨) " القرآن الكريم " ٩: ١ - ٢٩.

<<  <   >  >>