للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثر التبشير في مصر بعد سقوط إسماعيل ثم استطال واسبطر في عهد (اللورد كرومر) (١).

كَيْفَ دَخَلَ الإِنْجِلِيزُ إِلَى السُّودَانِ؟:

على أن جهود السياسة في السودان كانت أكثر تضافرًا على التبشير. جاء الجنرال (غوردن) حاكمًا على السودان في أواخر أيام الخديوي إسماعيل باشا، الذي خلع عن عرش مصر عام ١٨٧٩. ومنذ ذلك الحين حثت الجمعيات التبشيرية رجالها على البدء بالتبشير الفعلي في السودان المصري (٢).

ولكن بعد ثورة السودانيين على الإنجليز وانهزام الإنجليز ومقتل (غوردن) نفسه عام ١٨٨٥ خمدت حركة التبشير. ثم لما خفق العلم الإنجليزي من جديد على السودان، عام ١٨٩٨، عادن حمية المبشرين إلى البروز واستعدت الجمعيات التبشيرية لتجعل من التبشير عملاً منظمًا علنيًا. إلا أن (اللورد كرومر) المعتمد البريطاني في مصر ظل إلى عام ١٩٠٥ يحث المبشرين على التريث في إعلان حميتهم، لأن ظهور المبشرين مسفرين عن وجوههم قد يضر بالسياسة البريطانية ضررًا بالغًا مع العلم بأن (كرومر) نفسه كان يشجع التبشير (٣).

وبلغ من تدخل المبشرين في شؤون السودان ومن دالتهم على المعتمدين البريطانيين في مصر أنهم كانوا يبدون آراءهم في تعيين الموظفين في السودان. ولكنهم لم ينجحوا دائمًا.

لما نزلت إنجلترا في السودان وأرادت أن تديره أتت بموظفين مسلمين من الهند ومصر لهذه الغاية. ولكن المبشرين احتجوا على ذلك واقترحوا أن يكون هؤلاء الموظفين نصارى قد صبأوا من الإسلام على الأقل. إلا أن إنجلترا كانت تنظر بالفعل إلى مصالحها هي قبل كل شيء فَلَمْ تُصْغِ دائمًا إلى نصائح أولئك المبشرين (٤).

على أن الجمعيات التبشيرية كانت قد أعدت عدتها منذ عام ١٩٠٠ وأرسلت مبشريها إلى السودان ليقوموا بالتبشير العلني فعلاً. وكانت إنجلترا تشجع المبشرين البروتستانت والكاثوليك على السواء في السودان (٥)، وما دام المبشر يخدم الاستعمار، وما دامت الدول


(١) Gairdner ٢٥٦
(٢) Richter ٣٦٧ cf. ٣٦٦
(٣) cf. Richter ٣٦٧ - ٨; Milligan ٢٦
(٤) Gairdner ٢٨٤
(٥) cf. Milligan ٢٩

<<  <   >  >>