للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاضطرابات والفوضى ثلاث سنوات متوالية بعد ذلك (١).

ولما مد البروتستانت أصابعهم إلى حمص اتفق أن جاء شَابٌ أرثوذكسي إلى أسقف يسأله يتعلق بالفرق بين المذاهب، فخبطه الأسقف بعصاه فأفقده وعيه وثارت الثائرة في حمص. وكذلك جاءت ذات يوم فتاة أرثوذكسية تزور زوجة المبشر (د. م. ويلسن)، فلما علم بها أهلها جاءوا فقبضوا شعرها وجروها في الشوارع (٢).

أما اليسوعيون فكانت لهم السيادة التامة على زحلة حتى جاء البروتستانت فانتزعوا تلك السيادة منهم، ولكن ظل بإمكان اليسوعيين أن يثيروا دائمًا شَغَبًا دِينِيًّا في عروس البردوني كما فعلوا مرارًا (٣).

فِتْنَةُ عَامِ ١٨٦٠:

في عام ١٨٦٠ نشبت بين الموارنة والدروز في جبل لبنان فتنة غسلت البلاد بالدماء وتركت في نفوس الناس أسوأ الأثر إلى اليوم. إلا أن هذه الفتنة لم تنشب فجأة ولا اتفاقًا، ولكنها كانت تهيأ خطوة خطوة. ولقد كان مهندسوها بارعين إلى حد أن الذين ذهبوا وَقُودَهَا لم يعلموا يومذاك أن الدول الأجنبية قد هيأتها على أيدي المبشرين.

غزا إبراهيم باشا سورية ١٨٣١ - ١٨٣٢ وظفر ظفرًا عظيمًا كاد يدخله إلى استانبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية نفسها. عندئذٍ خافت الدول الأجنبية عواقب ذلك فأجبرت إبراهيم باشا على التراجع والانسحاب من بلاد الشام كلها. ولكن قبل أن ينسحب إبراهيم باشا ١٨٤٠ كان الأمير بشير الثاني قد استبد بحكم جبل لبنان وجعل يظلم الناس بطلب الأموال والجنود. ولقد اتفق النصارى والمسلمون من سكان الجبل على مقاومة التجنيد خاصة. حينئذٍ لجأ الأمير بشير إلى بذر بذور الشقاق بين النصارى والمسلمين بنزع السلاح من بعضهم وبنفي بعضهم الآخر، فعظمت النقمة على الأمير. وكانت حملة إبراهيم باشا واستبداد الأمير بشير قد تركا البلاد في فوضى شديدة. ثم انسحب إبراهيم باشا من سورية وَنُفِيَ الأَمِيرُ بَشِيرُ من لبنان في عام واحد، ولكن الفوضى ظلت سائدة.


(١) Jessup ٤١٥ - ٤٢٠
(٢) Jessup ١٤٩
(٣) Jessup ٤١٦ ; cf. Les Jésuites en Syrie ٦ : ٢٥

<<  <   >  >>