كُلُّهَا عَلَى تَحْقِيقِ هَذَا الهَدَفِ» (١). ولكن الفينيقية لم تستطع أن ترى النور في سورية. وإذا كانت قد غذيت في لبنان طول عهد الانتداب، فإنها ماتت على عتبة الاستقلال اللبناني. هذا مع العلم بأن جماعة من اللبنانيين ما يزالون يتغنون بها.
ولا أحب أن أتوسع في تاريخ «الحَرَكَةِ الفِرْعَوْنِيَّةَ» في مصر لأنها تختلف في أساسها عن الحركة الفينيقية في لبنان في عهد الانتداب. أما «الحَرَكَةُ الأَشُورِيَّةُ» في العراق فقد كانت أقل المحاولات القومية المفرقة حَظًّا من النجاح. ولقد قضي عليها وعلى أتباعها في معركة واحدة كما مر معنا من قبل في هذا الفصل من هذا الكتاب. وأما الحركة البربرية في المغرب فلم يستجب لها أحد من أهل البلاد، بل بقيت غُصَّةً فِي حُلُوقِ المُبَشِّرِينَ وَالمُسْتَعْمِرِينَ إذ قاومها أهل تونس وأهل الجزائر وأهل مراكش بلا استثناء.
ولما لم تنتصر هذه الدعوات الإقليمية الضيقة وقع الاستعمار على فكرة العروبة وألبسها ثوبًا جديدًا. لقد أريد من «العُرُوبَةِ» أن تكون رابطة قومية مناقضة لِـ «الإِسْلاَمِ»: سياسة العروبة لا صلة لها بالإسلام، والمسلمون من غير العرب لا صلة لهم بالعروبة. ومما يؤسف له أن نفرًا من الشبان العرب قد اعتنقوا فكرة العروبة المجردة من الإسلام، ثم أخذوا وهم يدعون للعروبة يقاومون الحركات الإسلامية.