للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العَرَبِيَّةِ» وفي فظائع الفرنسيين في الجزائر. ولقد كان من المعقول، ومن المنتظر أيضًا، أن يؤكد الدكتور (جورج طعمة) جانب العروبة من الجزائر لأن الجزائر قطر عربي ولأنه هو مستشار للنادي العربي في بيروت. ومع ذلك فإن جماعة من المنتمين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي قد أفسدوا عليه كلامه بهتافهم المتوصل «الجَزَائِرُ عَرَبِيَّةٌ»، «جِهَادُ الجَزَائِرِ جِهَادُ العَرَبِ»، مما لفت انتباه السامعين إلى هؤلاء الهاتفين - وقد جاءوا إلى المهرجان وهم عارفون بالتيارات المختلفة في هذا البلد ومعدون للأمر عدته - يريدون أن يوجهوا الأنظار إلى الجانب العربي في قضية الجزائر وأن يلفتوا الأفكار عن الجانب الديني الإسلامي. ولقد ظن هؤلاء أن هتافهم هذا يتفق مع الخطاب الذي كان يُلْقَى. وازاداد هتافهم حتى كاد يحدث بلبلة، أو هو أحدث البلبلة فعلاً، حتى أن عددًا من القوميين العرب - وهم غير البعثيين ومن الذين يخالفون البعثيين في بعض آرائهم - قد طلبوا من هؤلاء الهاتفين أن يهدأوا، فقد كان القوميون العرب هم المشرفين على المهرجان عمليًا. وبلغت الحدة في أحد القوميين العرب مبلغًا حمله على أن يصعد إلى المنبر وأن يخاطب الهاتفين بلهجة جافية ويخيرهم بين أن يسكتوا وبين أن يغادروا المكان. وكذلك توقف الدكتور (جورج طعمة) مرات ليرجو الهاتفين، تلميحًا وتصريحًا، ويطلب إليهم أن يسكتوا قليلاً حتى يتمكن من متابعة كلامه فلم يوفق.

وتكلم بعد الدكتور (جورج طعمة) الأستاذ (عمر الحكيم)، أحد أساتذة الجغرافية في كلية الآداب من الجامعة السورية بدمشق. والأستاذ (عمر الحكيم) يعرف الجزائر، وقد كان فيها في الثامن من أيار عام ١٩٤٥ وشاهد بأم عينه جانبًا من المذابح البربرية التي قام بها الفرنسيون في ذلك اليوم. ومن أجل تلك المذابح في ذلك اليوم جُعِلَ «الثَّامِنُ مِنْ أَيَّارْ» من كل عام يومًا للجزائر تقام فيه الاجتماعات للكلام على فظائع الفرنسيين في تلك البقعة من وطننا وعلى تطور اليقظة فيها وعلى جهادها وبطولتها. ثم إن الأستاذ (عمر الحكيم) يدرس جغرافية المغرب (شمال أفريقيا) في الجامعة السورية.

ولقد كان من المنتظر، ومن المعقول أيضًا، أن يتكلم (عمر الحكيم) عن الجزائر العربية المسلمة، فالجزائر بلاد عربية وإسلامية في وقت واحد. ثم إنه هو شاب مسلم. وتكلم (عمر الحكيم) فملك الموقف بروحه الوثابة وبعلمه الغزير وبإحاطته بالموضوع الذي يعالجه. ولكن الحمية القومية عادت إلى الهاتفين فاستأنفوا هتافهم للجزائر العربية يتتبعون به كلامه عن الجزائر العربية المسلمة. وأدرك (عمر الحكيم)، كما أدركنا نحن، ما يقصد أولئك الهاتفون، فكان، كلما هتفوا هتافهم ذلك عاد هو في كلامه فأكد الجانب الإسلامي من

<<  <   >  >>