للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سطورها (١).

إن الصحافة لا توجه الرأي العام فقط أو تهيئه لقبول ما تنشر عليه، بل هي تخلق الرأي العام. ويعلن المبشرون أنهم استغلوا الصحافة المصرية على الأخص للتعبير عن الآراء المسيحية، أكثر مما استطاعوا في أي بلد إسلامي آخر. لقد ظهرت مقالات كثيرة في عدد من الصحف المصرية، إما مأجورة في أكثر الأحيان، أو بلا أجرة في أحوال نادرة (٢).

على أن المبشرين أنشأوا في العالم صحفًا يومية وأسبوعية خاصة بهم، فهنالك " بَشَائِرُ السَّلاَمِ " و" الشَّرْقُ وَالغَرْبُ " في مصر. ثم هنالك النشرة الأسبوعية التي أنشأها البروتستانت في بيروت وظلت تصدر حتى إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، ثم وقفوها عن الصدور لأنه أصبح من المتعذر عليهم أداء رسالتهم التي نذروا أنفسهم لها، كما قالوا هم.

• • •

ونحن سنتناول هنا الكلام موجزًا على جريدة " البَشِيرِ ". وللقارئ أن يجعل هذه الجريدة نموذجًا لجميع الصحف التبشيرية:

كانت المنافسة شديدة بين البروتستانت والكاثوليك، فلما انتقل مركز التبشير البروتستانتي من بلدة " عبيه " (في الشوف، بلبنان) إلى بيروت نقل اليسوعيون مركز نشاطهم عن " غزير " (في شمالي لبنان) إلى بيروت أيضًا. ولقد كانت الصحافة هي المظهر الأول للمنافسة بين الخصمين المتفقين على الإسلام. ويظهر أن ثلاث صحف من الصحف التبشيرية الأربع التي كانت تصدر في بيروت عام ١٨٧٠ كانت بروتستانتية، وهنالك صحيفة واحدة فقط كانت كاثوليكية (٣).

كانت جريدة " البَشِيرِ " جريدة دينية في المقام الأول تقدم من مقام الشرف من صدرها أخبار رومية والبابوية. أما العمل الرئيسي لجريدة " البَشِيرِ " فظاهر إلى حد كبير في ردودها غير المتراخية على أعداء البابوية وأعداء توحيد الإيمان الكاثوليكي (٤). ولقد كانت رومية دائمًا نَصْبَ عَيْنَيْ " البَشِيرِ " وهو يتابع عمله الديني والتمديني (كَذَا). أما الآن، بعد أن كثر أعداؤه، فإن نار ردوده قد بردت قليلاً ولكنها لم تنطفئ (٥).


(١) cf. Christian Litterature ٢٥٧ ff, Cash ٨٩
(٢) cf. Cash ٨٩ ; Christian Litterature ٢٥٩ f
(٣) Les Jésuites en Syrie ٥ : ٨
(٤) ibid. ٦ : ٢٨
(٥) ibid. ٦ : ٣٠

<<  <   >  >>