للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وَلَمْ تَبْدَأْ أَمَارَاتُ (١)، الحَيَاةِ الأَدَبِيَّةِ الجَدِيدَةِ بِالظُّهُورِ إِلاَّ فِي القِسْمِ الأَخِير مِنَ القَرْنِ التَّاسِعِ عَشَرَ. وَكَانَتْ الكَثْرَةُ مِنْ قَادَةِ هَذِهِ الحَرَكَةِ الجَديدَةِ نَصَارَى مِنْ لُبْنَانَ تَعَلَّمُوا أَوْ اِسْتَوْحَوْا مِنْ جُهُودِ المُبَشِّرِينَ الأَمِرِيكِيِّينَ».

وحبذا أن يعذرنا أستاذنا الدكتور (فيليب حتي) إذا قلنا إن النهضة بدأت في النصف الأول لا الأخير من القرن التاسع عشر. ثم إن حصر شرف الحركة الجديدة بنصارى لبنان فيه ظلم للتاريخ وللأدب مَعًا. وقد كنا نربأ بالدكتور (فيليب حتي) أن يساير قومًا ليسوا من نَجْرِهِ ولا من أهل موكبه.

ولقد رد على الدكتور (حتي) ناقد في مجلة " الثقافة " (٢) فجرحه. وكان الأخلق بالدكتور (حتي) أن لو ظل بعيدًا عن هذا المجرى الضحل الذي يخوض فيه بعض من لا شأن لهم بعد في عالم الأدب والتاريخ. إنه أكثر علمًا من أن يضيع النصف الثاني مكان النصف الأول من القرن التاسع عشر، حتى يهيئ مكانًا قلقًا لأشخاص جاءوا في الحقيقة في أعقاب اليقظة الأدبية لا على رأسها. إن القضية قضية تاريخ وأرقام وكتب مطبوعة لا قضية عواطف.

• • •

بمثل هذا يحارب المبشرون والمستعمرون العَرَبَ وَالإِسْلاَمَ. أما أشد ما نلقاه نحن فهو أن هؤلاء يستخدمون في هذا السبيل أفرادًا منا أحيانًا، أفرادًا لا يتورعون أحيانًا عن أَنْ يُسَخِّرُوا العلم والضمير ويقلبوا الحقائق والأرقام رأسًا على عقب حُبًّا بالزلفى أو الاتجار.

على أن هذا أيضًا لن يفت في عضد الشرق، وستظل الثقافة العربية على الرغم من بضعة أسئلة في الامتحانات الرسمية وعلى الرغم من أفراد باعوا أنفسهم في غير سبيل الله - تمثل الرسالة التي أداها العرب في تاريخهم المجيد وفي تاريخ العالم.

• • •

ونحن نحب أن نأتي في هذا الفصل القصير برأي الدكتور (فيليب حتي) في الفيلسوف المسلم ابن رشد لنرى، رأي العين، أن الشخص الذي يحاول أن يغمط الثقافة العربية ويبخس


(١) علامات.
(٢) مجلة " الثقافة " (القاهرة). السنة الحادية عشرة، العدد ٥٣٨ (١٨ أبريل - نيسان ١٩٤٩) ص ٤٢، ٤٣.

<<  <   >  >>