للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُبَشِّرَينَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ خَابُوا فِي هَدَفِهِمْ المُبَاشِرِ، وَهُوَ تَنْصِيرُ المُسْلِمِينَ جَمَاعَاتٍ جماعَاتٍ، إلاَّ أَنَّهُمْ قَدْ أَحْدَثُوا بَيْنَهُمْ آثَارَ نَهْضَةٍ ...». ثم يتابع المستر (بنروز) قوله فيقول (١): «وَلَقَدْ بَرْهَنَ التَّعْلِيمُ عَلَى أَنَّهُ أَثُمْنُ الوَسَائِلِ التِي اِسْتَطَاعَ المُبَشِّرُونَ أَنْ يَلْجَأُوا إِلَيْهَا فِي سَعْيِهِمْ لِتَنْصِيرِ سُورِيَّةَ وَلُبْنَانَ».

ولقد كان خليقًا برجل يأتي ليتولى أعظم مؤسسة علمية في الشرق الأدنى أن يفطن إلى أمرين، أحدهما أن النهضة المزعومة التي بعثها المبشرون ترجع في الحقيقة إلى عوامل عامة اتفق أن يسايرها المبشرون. إن النهضة التركية ونهضة اليابان ونهضة روسيا مثلاً لم تقم على أيدي المبشرين البروتستانت، ولكن العالم كله مندفع منذ أمد نحو تقدم مستمر، ولا يمكن لأحد أن يقف في وجه هذا التقدم الطبيعي، ولا أن تتقدم أقطار ثم تظل أقطار أخرى لا تحس بهذا التقدم (٢).

أما ثاني الأمرين فهو أن الأضرار المقصودة التي أحدثها التبشير في البلاد العربية تفوق كل نفع عارض يمكن أن يكون التبشير قد أتى به.

لقد كنا نود أن يأتي المستر (بنروز) إلى رئاسة الجامعة الأمريكية بعقلية العالم، بعقلية أرحب أفقًا من تلك التي ينكشف عنها كتابه. على أن المستر (بنروز) قد أدرك في أثناء رئاسته للجامعة الأمريكية (١٩٤٨ - ١٩٥٤) كثيرًا من أوجه الرقي والقومية عند العرب.

ويعترف المبشرون بأن التبشير الرسمي واكتساب المسلمين إلى صفوف النصرانية قد خاب (٣). من أجل ذلك قنع هؤلاء المبشرون أن يكون عملهم «الإنساني» قاصرًا على زعزعة عقيدة المسلمين على الأقل (٤). من أمثال هذه الجملة ينفذ القارئ إلى حقيقة بواعث التبشير: إنه ليس الإصلاح والحياة الروحية. بل هو الإفساد والتوسل إلى السيطرة.

هذه المرارة من الخيبة في التبشير، وهذه النقمة على العالم الإسلامي. وهذا الافتراء على المسلمين تلمحه في كلام المبشرين أنفسهم. يتكلم المبشر (رايد) (٥) عن طرابلس


(١) Ibid ٧.
(٢) راجع الكلام على ذلك في فصل: الأعمال الاجتماعية.
(٣) Re-thinking Missions ١٩٤ and others .
(٤) Islam and Missions ٤٣
(٥) W. Reid.٣٣

<<  <   >  >>