للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيروت (١٨٩٦ - ١٩٢٧) في شأن هذه المدارس:

«وَالتَّعْلِيمُ فِي نَفْسِهِ قُوَّةٌ تَبْشِيرِيَّةٌ أَسَاسِيَّةٌ». إن مؤتمر شمالي أفريقيا قد ذكر أن مدارس الحكومة (المدارس الرسمية) تمهد الطريق أمامنا بنفي التحزب ثم بفتح آفاق جديدة. تلك هي نتائج جميع التعليم الحديثة. إن مدارس الإرساليات المسيحية الغربية يجب أن تتقدم (على كل ما سواها) في الاحتفاظ بهذه الزعامة: ويجب على المبشرين أن يحتفظوا في كل زمن بوجهة نظر المسيح فيما يتعلق بالحياة الفياضة.

لما فُرِضَ الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان عام ١٩١٩ فرض معه منهاج التعليم الرسمي. وكان هذا التعليم الرسمي في مناطق الانتداب يساعد المبشرين في أعمالهم. لقد كان المبشرون في أول أمرهم (قبل الانتداب) ينشئون المدارس في جبل الدروز (على الأخص) بطلب من بعض زعماء الجبل. ولكنهم كانوا يغلقون تل المدارس إذا قصرت مواردهم عن إدارتها (أو إذا لم يستطيعوا التبشير فيها بنجاح على الأصح). أما بعد الانتداب فقد أصبح التعليم، وعلى الأخص في جبل الدروز، موضع تعاون وثيق بين المبشرين وبين السلطات العامة (١).

وبما أن الحكومة الفرنسية كانت تساعد الإرساليات الكاثوليكية في عملها، فإن مدارس تلك الإرساليات كانت تحبب فرنسا إلى التلاميذ النصارى (٢).

ولم يكتف الفرنسيون طوال مدة انتدابهم، بأن يساعدوا اليسوعيين في أعمالهم المستقلة، بل فسحوا المجال ليكون لليسوعيين نفوذ كبير في توجيه المستشارين الإفرنسيين المشرفين على التعليم في منطقة الانتداب، وخصوصًا فيما يتعلق بالمناهج ومنح الشهادات الرسمية. وهذا ما جعل المناهج الرسمية كأنها خاضعة لليسوعيين مباشرة، ما لا صلة له ببحثنا. ولكننا نود أن نقول كلمة واحدة في سياسة الإفرنسيين في التعليم الرسمي في منطقة انتدابهم وسنستعير ما نقوله من " تقارير عن أحوال المعارف في سورية خلال سنة ١٩٤٥" وضعها ساطع الحصري (٣).

لما درس العالم الاجتماعي ساطع الحصري مناهج التعليم في الجمهورية السورية لفت نظره أشياء كثار تدعو إلى الغرابة فقال (٤):

«هَذَا، وَيَجْدِرُ بِنَا أَنْ نَتَسَاءَلَ فِي هَذَا المَقَامِ: كَيْفَ تَأَسَّسَتْ هَذِهِ النُّظُمُ الغَرْبِيَّةُ فِي


(١) Les Jésuites en Syrie ١٠ : ٦٥
(٢) ibid, ٢ : ٨
(٣) دمشق، مطبعة الجمهورية السورية: ١٩٤٦.
(٤) ص ٢٤، ٢٥.

<<  <   >  >>