للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " (١) . هو المانع من تكفيره؛ لأنا نقول: لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من إلحاق الكفر وأحكامه، فإن الكفر يهدم ما قبله، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٢) ، وقوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣) , والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع، (فلا يظن) (٤) هذا.

وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (٥) وقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٦) وقوله: {َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٧) ، فقد فسرته السنة، وقيدته، وخصته بالموالاة المطلقة العامة (٨) .

وأصل الموالاة هو الحب، والنصرة، والصدقة، ودون ذلك مراتب متعددة. ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من


(١) تقدم تخريجه ص١٧٩.
(٢) سور المائدة: الآية (٥) .
(٣) سورة الأنعام: الآية (٨٨) .
(٤) ما بين القوسين ساقط في (ب) ، و (ج) ، و (د) .
(٥) سورة المائدة: الآية (٥١) .
(٦) سورة المجادلة: الآية (٢٢) .
(٧) سورة المائدة: الآية (٥٧) .
(٨) قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "يعني -تعالى ذكره- بقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ومن يتول اليهود والنصارى، دون المؤمنين، فإنه منهم يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا وهو به، وبدينه، وما هو عليه راض، وإذا رضيه، ورضي دينه، فقد عادى ما خالفه، وسخطه، وصار حكمه حكمه".
جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، (ت ٣١٠هـ) دار الفكر، ١٤٠٨هـ، ٦/٢٧٧.
وهذا النوع من الموالاة التي ذكرها الطبري، هو الموالاة المطلقة العامة، وهو ما لم يقترب إليه حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، إذ إنه أراد مجرد اتخاذ يدٍ عندهم يحفظ ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>