للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأي خير يبقى مع مشاهدة تلك المنكرات، والسكوت عليها، وإظهار الطاعة، والانقياد، لأوامر من هذا دينه، وتلك نحلته! والتقرب إليه بالبشاشة، والزيارة، والهدايا، والتنوق (١) في المآكل، والمشارب، وإن زعم أنّ له غرضاً من الأغراض الدنيوية، فذلك لا يزيده إلا مقتاً، كما لا يخفى على من له أدنى ممارسة للعلوم الشرعية، واستئناس بالأصول الإسلامية.

وقد جاء القرآن العظيم بالوعيد الشديد، والتهديد الأكيد على مجرّد ترك الهجرة، كما في سورة النساء (٢) ، وقد ذكر المفسرون هناك ما به الكفاية، والشفاء، وتكلم عليها شيخنا محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله /تعالى/ (٣) - وأفاد وأوفى (٤) . ودعوى التقية لا تجدي مع القدرة على الهجرة. ولذلك لم يستثن (٥) الله تعالى إلا المستضعفين


(١) التنوُّق: المبالغة، يقال: تنوّق فلان في مطعمه، وملبسه، وأموره، إذا تجود وبالغ. لسان العرب، ١٠/٣٦٤، مادة (نوق) .
(٢) وذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:٩٧] .
فالوعيد والتهديد الموجود في هذه الآية، إنّما هو في حق الذين أسلموا من أهل مكة، ولم يهاجروا، بل أقاموا مع قومهم، وافتتنوا في دينهم، وخرجوا مع المشركين يوم بدر، فقتلوا. كما ذكر ذلك في سبب نزول الآية.
انظر: أسباب النزول، لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي (ت٤٦٨هـ) ، تخريج: عصام عبد المحسن الحميدان، نشر دار الإصلاح الدمام. ط/١، ١٤١١هـ/١٩٩١م، ص١٧٧-١٧٨. فشأن أولئك شأن كل مسلم مصرّ على الإقامة في بلاد الكفار، وهو غير قادر على إظهار دينه، وإقامة شعائره، مع استطاعته الحيل، والبحث عن أسباب التخلص بالهحرة.
(٣) ساقط في (ب) .
(٤) انظر: تاريخ نجد، للشيخ حسين بن غنّام، ص ٦٦٣.
(٥) في (د) : (لم يستثني) . وهو خطأ؛ لجزم الفعل بلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>