للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأصناف الثلاثة (١) . وقد ذكر علماؤنا تحريم الإقامة والقدوم إلى بلد يعجز فيها عن إظهار دينه (٢) ، والمقيم للتجارة والتكسب، والمستوطن، حكمهم، وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق. وأما دعوى البغض والكراهة، مع التلبس بتلك/الفضائح/ (٣) ، فذلك لا يكفي في النجاة، ولله حكم، وشرع، وفرائض، وراء ذلك كله.

إذا تبين هذا، فالأقسام مشتركون في التحريم، متفاوتون في العقوبة، قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} (٤) . وأخبث هؤلاء وأجهلهم، من قال إنه حصل بهم راحة للناس، وعدم ظلم وتعد على الحضر (٥) ، وهذا الصنف أضل القوم، وأعماهم عن الهدى، وأشدّهم محاداة لله، ورسوله، ولأهل الإيمان والتقلى، لأنه لم يعرف الراحة التي حصلت بالرسل، وبما جاءوا به في الدنيا والآخرة، ولم يؤمن بها الإيمان النافع. والمسلم يعلم أن الراحة، كل الراحة، والعدل، كل العدل، واللذة، كل اللذة، في الإيمان بالله، ورسله، والقيام بما أنزل من الكتاب، والحكمة (٦) ، وإخلاص الدين له، وجهاد أعدائه، وأعداء رسله، وأنه باب من أبواب الجنة، يحصل به النعيم،


(١) قال تعالى: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء: ٩٨-٩٩] .
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (ت٧٧٤هـ) ، طبعة جديدة مصححة، نشر مكتبة المعارف، الرياض، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط/١، ١٤٠٧هـ/١٩٨٧م، ١/٥٥٥. قال عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} الآية: "هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حراماً بالإجماع".
(٣) في (ب) : (القبائح) .
(٤) سورة الأحقاف: الآية (١٩) .
(٥) في (د) : (الحظر) .
(٦) وفي ذلك جاء قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] .
وقال صلّى الله عليه وسلّم لبلال:" يا بلال، أقم الصلاة، أرحنا بها ". سنن أبي داود، ٥/٣٦٢، الأدب، باب (في صلاة العتمة) . وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، ٥/٣٦٤، ٣٧١. وأورده الهندي في"الكنز" برقم (١٤٩٨٦) .
ففي الحديث دلالة واضحة على أنّ في القيام بما أوجبه الله من الفرائض راحة للمؤمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>