للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسه المقدّسة، وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تمثيل، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تشبيه؛ لا يبتدعون لله وصفاً، لم يرد به كتاب ولا سنة١، فإن الله تعالى: أعظم، وأجل، وأكبر في صدور أوليائه المؤمنين، من أن يتجاسروا على وصفه، ونعته، بمجرد عقولهم، وآرائهم، وخيالات أوهامهم؛ بل هم منتهون في ذلك إلى حيث انتهى بهم الكتاب والسنة، لا يتجاوزون ذلك بزيادة، على ما وصف الرب به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يعطلون ما ورد /في/٢ الكتاب والسنة، من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وينكرون تعطيل معنى الإِستواء، وتفسيره بالاستيلاء؛ ويتبرؤون من مذهب من قال ذلك، وعطّل الصفات، من الجهمية وأتباعهم؛ وقد وقع في هذا كثير ممن ينتسب إلى أبي الحسن الأشعري٣؛ وظنّه بعض الناس من مذهب أهل السنة والجماعة؛ وسبب ذلك: هو الجهل بالمقالات، والمذاهب، وما كان عليه السلف.


١ انظر عقيدة أهل السنة في صفات الله: الحجة في بيان المحجة١/٩١-٩٢-١٧٤؛ والصفات الإلهية في الكتاب والسنة للجامي ص ٥٧ وما بعدها.
٢ في (د) :به.
٣ هو علي ابن اسماعيلبن أبي بشر اسحاق بن سالم، أبو الحسن الأشعري، اليماني البصري، إمام المتكلمين، ولد سنة (٢٦٠هـ) ، برع في معرفة الاعتزال، ثم تبرّأ منه إلى الأشعرية، ثم تركه وصار من جماعة أهل السنة، وألّف مقالات الإسلاميين، والإبانة عن أصول الديانة وغيرهما. (ت ٣٢٤هـ) .
انظر: تاريخ بغداد ١١/٣٤٦، طبقات الشافعية ٣/٣٤٧، سير الأعلام ١٥/٨٥.
*ويلاحظ أن مذهب أبي الحسن هو مذهب أهل السنة والجماعة وقد مر في أطوار ثلاثة:
الطور الأول: الإعتزال الذي رجع عنه.
الطور الثاني: طور الأشعرية، في إثبات-ما يسمونه- الصفات العقلية السبعة: الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام. وكذلك تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحوها.
الطور الثالث: إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تشبيه ولا تعطيل جرياً على طريقة أهل السنة وهي طريقته في الإبانة، الذي صنفه آخراً.
انظر: مجموع الفتاوى ٤/٧٢، ٥/٥٥٦؛ الخطط للمقريزي ٢/٣٥٨، غاية الأماني في الرد على النبهاني ١/٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>