للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن قرأ فاتحة الكتاب أو غيرها بقصد يضاهي هذا ويشابهه، فلا حرج عليه، وأما إن قرأها قبل كل قراءة معتقداً أن الله أمر بذلك، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنَّه، فهذا يعرّف بالسنة ويُخْبر بها، وأنها إنما يبتدأ بها القراءة في الصلاة١ لا في سائر أحوال التلاوة.

(المسألة الخامسة) :

وأما الرجل الذي يخالط أهل بلده ومحلته، ويرجو بمخالطتهم أن يجيبوه إلى الإسلام وإلى السنة، ويتركوا٢ ما هم عليه من شرك أو بدعة أو فواحش.

فهذا يلزمه خلطتهم ودعوتهم إن أمن الفتنة، لما في ذلك من المصلحة الراجحة، على مصلحة الهجر والاعتزال. ورؤية المنكر إذا رجا بها إزالته وتغييره، وأمن الفتنة به، ولم يكن تحصيل المصالح الدينية إلاّ بذلك، فلا حرج عليه، بل ربما تأكد واستحب٣.

وبلغني أن شيخ الإسلام ابن تيمية -قدّس الله روحه- كان يخرج إلى عسكر التتار لما نزلوا الشام المرة الأولى حول دمشق، ويجتمع بأميرهم ويأمره وينهاه٤. ويرى في


= {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ؛ سنن النسائي ٢/١٧٠، الافتتاح، باب فضل قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
١ كما ورد بذلك الأحاديث، ومنها: حديث أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، يستفتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . سنن النسائي ٢/١٣٣، الافتتاح، باب البداءة بفاتحة الكتاب قبل السورة؛ مسن أحمد ٣/٢٠٣. وعنه رضي الله عنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٣٥٤، الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة.
٢ في (ب) و (ج) و (د) : ويترك.
٣ وهذا هو حال العلماء والدعاة المتواجدون في دول الأقليات الإسلامية.
٤ انظر: الدرر الكامنة ١/١٦٤، والبداية والنهاية ١٤/٨-١٣، ٥٦. والإمام ابن تيمية لعبد السلام هاشم حافظ الحلبي، ط/١، ١٣٨٩هـ-١٩٦٩م، ص ٢٤-٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>