للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت قد خالفت سبيلهم، وخرجت عن منهاجهم، وضللت المحجّة؛ وخالفت مقتضى البرهان والحجة، واستغنيت برأيك، وانفردت بنفسك، عن المتوسمين بطلب العلم، المنتسبين إلى السنة؛ ما أقبح الحور بعد الكور، وما أوحش زوال النعم، وحلول النقم!

إذا سمعت بعض عباراته المزخرفة، قلت: كيف ينهانا عن هذا فلانٌ، أو يأمر بالإعراض عن هذا الشأن؟ كأنك سقطت على الدرّة المفقودة، والضالة المنشودة، وقد يكون ما أطربك، وهزّ أعطافك، وحرّكك فلسفة منتنة، وزندقة مبهمة، أُخرجت في قالب الأحاديث النبوية، والعبارات السلفيّة، فرحم الله عبداً عرف نفسه، ولم يغتر بجاهه، وأناب إلى الله، وخاف الطرد عن بابه، والإبعاد عن جنابه.

وينبغي للإمام -أيده الله- أن ينزع هذا الكتاب، من أيديكم؛ ويلزمكم بكتب السنة، من الأمهات الست، وغيرها، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} ١ انتهى٢.

ثم جمعت أقوال أهل العلم، وما أفتوا به في هذا الكتاب، وتحذيرهم للطالب، والمسترشد. فمن ذلك: قول الذهبي٣ في ترجمته للغزالي: (وأخذ في تأليف الأصول، والفقه، والكلام، والحكمة، وأدخل سيلان ذهنه، في مضايق الكلام، ومزال الأقدام؛ ولله سرٌّ في خلقه. وساق الكلام إلى أن قال: ذكر هذا عبد الغافر٤، إلى أن قال: ثمّ حكي أنّه أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون الدقيقة، والتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدّة، وفتح عليه بابٌ من الخوف، بحيث شغله


١ سورة الأحزاب الآية (٤) .
٢ هنا انتهت رسالة الشيخ الأولى التي أرسلها إلى عبد الله بن معيذر.
٣ هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز، شمس الدين، أبو عبد الله التركماني، الذهبي، محدث عصره، صاحب التصانيف، منها: تذكرة الحفاظ، وسير الأعلام، والتاريخ الكبير، وغيره، (ت٧٤٨هـ) .
طبقات السبكي ٩/١٠٠-١٢٣، البدر الطالع ٢/١١٠-١١٢، والدرر الكامنة ٣/٤٢٦.
٤ هو عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد، أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري، مصنف كتاب مجمع الغرائب، والمفهم لشرح مسلم، (ت٥٢٩هـ) .
وفيات الأعيان ٣/٢٢٥، سير الأعلام ٢٠/١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>