للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استبحاره في فنّ الأصول، فأكسبته الفلسفة جراءةً على المعاني، وتسهيلاً للهجوم على الحقائق، لأنّ الفلاسفة تمرُّ مع خواطرها، لا يزعها شرعٌ.

وعرَّفني صاحب له، أنه كان له عكوف على (رسائل إخوان الصفا) ؛ وهي إحدى وخمسون رسالة؛ ألَّفها من قد خاض في علم الشرع، والنقل، وفي الحكمة؛ فمزج بين العلمين، وقد كان رجلٌ يُعَرفُ بابن سينا١، ملأ الدنيا تصانيفَ، أدَّته قوَّته في الفلسفة، إلى أن حاول ردّ أصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطَّف جُهْدَه، حتى تمَّ له ما لم يتم لغيره٢.

ورأيت هذا آخر /الموجود/٣ من هذه الرسالة، /وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم/٤.


١ هو الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، أبو علي البلخي، ثم البخاري، العلاّمة الشهير الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، (ت٤٢٨هـ) . عيون الأنباء في طبقات الأطباء، لابن أبي أصيبعة (ت٦١٨هـ) . تحقيق د. نزار رضا، دار مكتبة الحياة، بيروت ١٩٦٥ م، ص٤٣٧-٤٥٩. سير الأعلام ١٧/٥٣١-٥٣٦.
٢ لعل كلام المازري هذا من كتابه "الكشف والإنباء عن كتاب الإحياء" المشار إليه ص٣٨٦. وقد نقل الذهبي كلامه هذا في سير الأعلام ١٧/٣٤٠-٣٤١؛ والسبكي في طبقاته ٦/٢٤٠-٢٤١.
٣ في (د) : ما وُجِدَ.
٤ ساقط في (ب) و (ج) و (د) والمطبوع.
*كلمة حول الغزالي وكتابه "الإحياء":
ما ذكره المصنِّف هنا، هو بعض ما قاله كثيرٌ من العلماء في الغزالي ومصنفاته، خاصة كتابه (إحياء علوم الدين) ؛ فقد تنازعوا فيه ولم يزالوا إلى اليوم، وذلك بين ناقد ومدافع، يخالفون بعضهم بعضاً، ويردُّ هذا على هذا، وهنا يمكن اختصار القول فنقول:
إنّ الغزالي يمكن الحكم عليه من خلال ما تركه من تراث علمي هائل؛ فقد كانت بدايته بالفقه وأصوله، ثم بالمعقولات (علم الكلام وما يتعلق به من المنطق والفلسفة) ، ثم بالتصوف علماً عملاً ورياضةً، وفي هذه المرحلة ألّف الإحياء، ويكون النظر في مؤلفاته على النحو

<<  <  ج: ص:  >  >>