للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصفات، ورؤساؤهم وأحبارهم معطلة كذلك، يدينون بالإلحاد والتحريفات وهم يظنون أنّهم من أهل التنزيه١، والمعرفة باللغات، ثم إذا نظرت إليهم وسيرتهم في باب فروع العبادات، رأيتهم قد شرعوا لأنفسهم شريعة لم تأت بها النبوّات.

هذا وصف من يدّعي الإسلام منهم في سائر الجهات. وأما من كذب بأصل الرسالة أو أعرض عنها، ولم يرفع بذلك رأساً، فهؤلاء نوع آخر وجنس ثانٍ، ليسوا مما جاءت به الرُّسل في شيء، بل هم –كما قال تعالى-: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ /٢} ٣، فمن عرف هذا حق المعرفة وتبيّن له الأمر على وجهه، عرف حينئذٍ قدر نعمة الله عليه، وما اختصه به، إن كان من أهل العلم والإيمان، لا من ذوي الغفلة عن هذا الشأن.

وقد اختصَّكم الله تعالى من نعمة الإيمان والتوحيد بخالصه، ومنَّ عليكم بمنَّةٍ عظيمة صالحة من بين سائر الأمم، وأصناف الناس في هذه الأزمان. فأتاح لكم من أحبار الأمة وعلمائها حبراً جليلاً٤، وعلَماً نبيلا" فقيها"، عارفا" بما كان عليه الصدر الأول، خبيرا" بما انحل من عرى الإسلام، وتحول فتجرد إلى الدعوة إلى الله، /وردّ الناس/٥ إلى ما كان عليه سلفهم الصالح، في باب العلم والإيمان، وباب العمل الصالح والإحسان، وترك التعلق على غير الله من الأنبياء والصالحين وعبادتهم، والاعتقاد في الأحجار والأشجار والعيون والمغار، وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله


١ في مثل هذا المكان يجد الشرك والخرافات مقرَّة، إذ أنه –كما اشتهر على ألسنة الناس- الناس على دين ملوكهم. فإذا كانوا كذلك، فحريٌ لهم أن يناصروا أتباعهم على مذهبهم، ويشجعونهم على نشره.
٢ هذا الجزء من الآية لم ترد في (أ) و (ج) .
٣ سورة الأعراف الآية (١٧٩) .
٤ يشير إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب.
٥ هكذا في المطبوع. وفي جميع النسخ: (ورد هذا الناس) بزيادة (هذا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>