للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم في الأقوال والأفعال، وهجر ما أحدثه الخلوف والأغيار.

فجادل في الله وقرر حججه وبياناته، وبذل نفسه لله، وأنكر على أصناف بني آدم الخارجين عما جاءت به الرسل، المعرضين عنه التاركين له. وصنّف في الرد على من عاند أو جادل، وما حلَّ وجرى بينهم من الخصومات والمحاربات ما يطول عدّه١، وكثير منكم يعرف بعضه. ووازره على ذلك من سبقت له من الله سابقة السعادة، وأقبل على معرفة ما عنده من العلم. وأراده من أسلافك الماضين وآبائك المتقدمين-رحمهم الله رحمة واسعة، وجزاهم عن الإسلام خيرا"- فما زالوا من ذلك على آثارٍ حميدة، ونعم عديدة، يصنع لهم /تعالى/٢ من عظيم صنعه، وخفي لطفه، ما هداهم به إلى دينه الّذي ارتضاه لنفسه، واختص به من شاء كرامته وسعادته من خلقه، وأظهر لهم من الدولة والصولة ما ظهروا به على كافة العرب، فلم يزل الأمر في مزيدٍ حتّى توفّى الله شيخ هذه الدعوة، ووزيره العبد الصالح /رحمهما/٣ الله /تعالى/٤.

ثم حدث فيهم من فتنة الشهوات، ما أفسد على الناس الأعمال والإرادات، وجرى من العقوبة والتطهير ما يعرفه الفطن الخبير. ثم أدرككم من رحمته تعالى وألطافه، ما ردّ لكم به الكرّة، ونصركم ببركته المرة بعد المرّة٥، ولله تعالى عليك خاصةً نعم لا يستقصيها العدّ والإحصاء، ولا يحيط بها إلا عالم السرّ والنجوى؛ فكم أنقذك من هول وشدّة، وكم أظهرك على من ناوأك مع كثرة العدد منهم والعدة! ولم تزل نعمته تترى، وحوله وقوّته يرفعك إلى ما ترى، حتى آلت إليك سياسة هذه الشريعة المطهرة،


١ وقد تقدم ذكر مصنفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب في ص ٢٩١.
٢ ساقط في (د) .
٣ في (د) : رحمهم.
٤ ساقط في المطبوع.
٥ وقد تقدم في قسم الدراسة ص ٤٤ ذكر ما وقع به من إسقاطه عن الحكم، واقتياده إلى مصر أسيراً، ثم رجوعه واستيلاؤه على نجد للمرة الثانية. انظر ص ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>