للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشترط أن لا يكون عليه مفسدة، كما قال تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} ١. وقد أخذ بعض الناس من هذا أن "درء المفاسد يقدم على جلب المصالح"٢كما هو مقرر في علم الأصول.

ثم إن الآية -آية الغلظة- مدنية٣، بعد تمكن الرسول وأصحابه من الجهاد باليد، وظهور الاستمرار على الكفر من أعدائهم. فوقعت الغلظة في مركزها حيث لم ينفع اللين، وأسعد الناس بوراثة الرسول /صلى الله عليه وسلم/٤ في دعوة الخلق، أكملهم متابعة له في هذا.

وكان الصديق /رضي الله عنه/٥ أكمل الناس، ولذلك أسلم على يديه وانتفع به أمم كثيرة، بخلاف غيره؛ فقد قيل لبعضهم "إن منكم منفرين" ٦.

والقصد من التشريع والأمر، تحصيل المصالح ودرء المفاسد حسب الإمكان، وقد


١ سورة الأنعام الآية (١٠٨) .
٢ تقدم تخريج هذه القاعد الأصولية في ص ٢٤١.
٣ هي مدينة كبقية الآيات في سورة التوبة، فكلها مدنية، سوى الآيتين الأخيرتين.
انظر الجامع لأحكام القرآن ٨/ ٤٠، وفتح القدير للشوكاني ٢/ ٣٣١.
٤ ساقط في (ب) و (ج) و (د) .
٥ ساقط في (ب) و (ج) و (د) .
٦ هذا جزء من حديث أبي مسعود قال: قال رجل يا رسول الله، إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضباً منه يومئد. ثم قال: " يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فمن أم الناس فليتجوز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة".
صحيح البخاري مع الفتح ٢/ ٢٣٤، الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول. صحيح مسلم بشرح النووي ٤/ ٤٢٨- ٤٢٩، الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام. سنن ابن ماجة ١/ ١٧٧، إقامة الصلاة، باب من أم قوماً فليخفف.

<<  <  ج: ص:  >  >>