للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤمنون بأن الله تبارك وتعالى عالم بجميع الكائنات قبل أن تكون، كيف تكون١. وغلاة منكري القدر قد أنكروا هذا العلم٢فكفرهم بذلك الأئمة، أحمد وغيره٣وأما من قال بإثبات القدر خيره وشره، /حلوه/٤ ومره، فلا يلزمه، ولا يرد عليه ما ورد على القدرية النفاة، من لزوم خروج العبد على فعل المولى.

وإن قال: أن العبد قد يخرج عن الإرادة الدينية الشرعية، إلى ما يضادها من المعاصي والكفر والفسوق، فيكون بذلك مخالفاً للأوامر الشرعية، وإن كان داخلاً تحت المشيئة الكونية القدرية؛ فالخروج عن القدر والمشيئة نوع آخر.

فالأول غير ممكن لجميع المخلوقات، لجريان الأقدار عليهم طوعاً وكرهاً. وأما الثاني فيقع من الأكثر، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ٥. ولله سبحانه وتعالى في خروج الأكثر عن أمره حكمة يحبها ويرضاها، لائقة بعلمه وحكمته، وعدله وربوبيته، يستحق أن يحمد عليها.

وقد رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- كلاماً حسناً في معنى قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٦ذكر فيه ستة أقوال٧:

أحدها: قول نفاة الحكم، كالأشاعرة٨.............................................................


١ انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٤٠، ٤٥٩؛ وشرح العقيدة الطحاوية ص١٢٥- ١٢٦، ١٣٣٣.
٢ تذهب غلاة القدرية إلى أن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها.
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٤٠، ٤٥٩؛ وشرح العقيدة الطحاوية ص١٢٦.
٣ انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٢/٤٨٥.
٤ في (د) : وحلوه. بزيادة واو في الأول.
٥ سورة يوسف الآية (١٠٣) .
٦ سورة الذاريات الآية (٥٦) .
٧ وردت هذه الأقوال الستة في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٣٧- ٥٥.
٨ تقدم التعريف بهم في ص٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>