للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معية قرب تتضمن الموالاة والنصر والحفظ. وكلا المعيتين مصاحبة منه للعبد، لكن هذه مصاحبة إطلاع وإحاطة، وهذه مصاحبة موالاة ونصر وإعانة ١.

ف"مع" في لغة العرب للصحبة اللائقة، لا تشعر بامتزاج ولا اختلاط ولا مجاورة ولا محايثة، فمن ظن شيئا من هذا، فمن سوء فهمه أتي.

وأما القرب: فلم يقع في القرآن إلا خاصا٢ وهو نوعان: قربه من داعيه بالإجابة، وقربه من عابديه بالإثابة٣.

فالأول كقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ٤ ولهذا نزلت جوابا للصحابة رضي الله عنهم، وقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم:/أ/٥ قريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله هذه الآية٦.

والثاني: كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" ٧، "أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل" ٨، فهذا قربه من أهل طاعته٩.


١ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١١/٢٤٩-٢٥٠.
٢ المرجع السابق ٥/٢٤٠.
٣ مدارج السالكين ٢/٢٦٥.
٤ سورة البقرة الآية "١٨٦". فالقرب في الآية قرب إجابة. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٥/٢٤٧.
٥ ساقط في "أ" و"ج".
٦ جامع البيان للطبري ٢/١٥٨، الجامع لأحكام القرآن ٢/٢٠٦.
٧ تقدم تخريجه في ص ٣١٥.
٨ سنن الترمذي ٥/٥٣٢، الدعوات، باب حدثنا محمود بن غيلان. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. سنن النسائي ١/١٧٩، المواقيت، باب النهي عن الصلاة بعد العصر؛ الترغيب والترهيب للمنذري ١/٤٣٤. مشكاه المصابيح ١/٣٨٧، قال الألباني: "سنده صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي" كنز العمال ١/٤١٦، وعزاه إلى النسائي والنرمذي والمستدرك. وفي ٧/٤١٩.
٩ وهو أقرب إثابة لعابديه. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٥/٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>