للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعرفته١.

والقصد أن هذا القرب يدعو صاحبه إلى ركوب المحبة، وكلما ازداد حبا ازداد قربا، فالمحبة بين قربين: قرب قبلها وقرب بعدها. وبين معرفتين: معرفة قبلها حملت عليها، ودعت إليها، ودلت عليها؛ ومعرفة بعدها من نتائجها وآثارها.

وأما مسألة الاشتقاق: فينبغي أولا أن يسأل هذا: ما معنى الاشتقاق، وما يراد به عند المحققين فإن زعم أنه أخذ الأسماء من مصادرها، وأن المصادر متقدمة، فهذا يلزم عليه سبق مادة أخذ منها الاسم، ومجرد القول بهذا، ولا يرتضي عند المحققين من أئمة الهدى.

فإن عرف ذلك وأجابك عن معنى الاشتقاق على الوجه الذي أشرنا إليه، فأخبره أن البصريين والكوفيين اختلفوا في الاسم من حيث هو، هل هو مشتق من السمو أو من السّمة ذهب البصريون إلى الأول٢؛ والكوفيون إلى الثاني٣.

وأصله عند البصريين: "سمو" على وزن فعل، فحذفت لام الكلمة وهي الواو، ثم سكن أوله تخفيفا، ثم أتى بهمزة الوصل توصيلا بالنطق بالساكن، فصار "اسم"، وعليه فوزنه "افع" /ففيه/٤ إعلالات ثلاثة، وهي الحذف ثم الإسكان والإتيان بهمزة الوصل.

وأما على مذهب الكوفيين، فأصله: "وسم" على وزن "فُعَل"، حذفت فاء الكلمة وهي الواو اعتباطا٥ ثم عوض عنها بهمزة الوصل، وعلى هذا فوزنه


١ إلى هنا انتهى ما نقله المصنف من كلام الإمام ابن القيم في مدارج السالكين ٢/٢٦٥-٢٦٧. وقد بدأ كلامه في ص ٥٣١.
٢ الإيضاح في شرح المفصل، للشيخ عثمان بن عمر، ابن الحاجب "٥٦٤٦"، تحقيق د. موسى بناي العليلي مكتبة العاني. بغداد ١/٦٣. وانظر لسان العرب ١٤/٤٠١.
٣ المرجع السابق نفس الصفحة.
٤ في "أ": فيه.
٥ أي بدون علة ولا سبب، تشبيها بالذبيحة التي تنحر عن غير داء ولا كسر، وهي سمينة فتية، يقال فيها: عبط اعتباطا، وكما في حديث: "من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قود" أي قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله. لسان العرب ٧/٣٤٧-٣٤٨ مادة "عبط". والحديث بهذا اللفظ أخرجه الهندي في كنز العمال برقم "٣٩٨٣٣" و"٣٩٨٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>