للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد هي: المنع من الصلاة خلفهم١.

وقد يُفرق٢ بين من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها، وبين من لا شعور له بذلك، وهذا القول يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس٣. وعلى هذا القول، فالجهمية في هذه الأزمنة قد بغلتهم الحجة، وظهر الدليل وعرفوا ما عليه أهل السنة، واشتهرت الأحاديث النبوية، وظهرت ظهورا ليس بعده إلا المكابرة والعناد؛ وهذا حقيقة الكفر والإلحاد كيف لا وقولهم يقتضي/من/٤ تعطيل الذات والصفات، والكفر بما اتفقت عليه الرسالة والنبوات، وشهدت به الفطر السليمات ما لا يبقى معه حقيقة للربوبية والإلهية، ولا وجود للذات المقدسة المتصفة بجميل الصفات، وهم إنما يعبدون عدما لا حقيقة لوجوده٥؛ ويعتمدون من الخيالات


١ انظر: المراجع السابقة: المغني ٢/٢١، ٢٣؛ المبدع ٢/٦٥، والفتاوى ٢٣/٣٤١.
وتلك رواية كما ذكره الشيخ المصنف –رحمه الله- وله أيضا رواية أخرى ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، حين قال: "ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق، وهو الإمام الراتب الذي لا يمكن الصلاة إلا خلفه، كإمام الجمعة والعيدين والإمام في الصلاة بالحج وعرفة ونحو ذلك، فإن المأمون يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، وهذا مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم. ولهذا قالوا في العقائد: إنه يصلي الجمعة والعيد خلف كل إمام برا كان أو فاجرا، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد، فإنها تصلى خلفه الجماعات، فإن الصلاة في الجماعة خير من صلاة الرجل وحده، وإن كان الإمام فاسقا، هذا مذهب جماهير العلماء، أحمد بن حنبل، والشافعي، وغيرهما؛ بل الجماعة واجبة على الأعيان في ظاهر مذهب أحمد، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع".
مجموع فتاوى ٢٣/٣٥٢-٣٥٣.
٢ التفريق هنا: أي المنع من الصلاة خلف من قامت عليه الحجة، وأصر على بدعته، وعلى إعلانها والدعوة إليها والدفاع عنها بالحجج. فمن صلى خلفه أعاد، إذ لا عذر له.
أما المبتدع المقلد الذي لا شعور له بوجهة بدعته، غير المعلن لها، فلا إعادة على من صلى خلفه، لأنه يعذر بعدم معرفة حال الإمام. المغني مع الشرح الكبير ٢/٢١.
٣ مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢٣/٣٤٢.
٤ ساقطة في المطبوع.
٥ تقدم الكلام حول هذا في ص ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>