للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يجيء فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. قال وإنما يكون ذلك لأحدهم إذا قدم من السفر أو أراد سفرا١ ونحو ذلك. ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل للصلاة ونحوها٢. وأما قصده دائما للصلاة والسلام عليه، فما علمت أحدا رخص في ذلك، لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدا ٣، وأيضا فإن ذلك بدعة. فقد كان المهاجرون والأنصار في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي –رضي الله عنهم-/٤/بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه من ذلك، وما نهاهم عنه، ولأنهم كانوا يسلمون عليه حين دخول المسجد والخروج منه، وفي آخر الصلاة في التشهد، كما كانوا يسلمون عليه كذلك في حياته. والمأثور عن ابن عمر يدل على ذلك. قال أبو سعيد في سننه: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد ٥، حدثني أبي عن ابن عمر، إنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فصلى وسلم عليه وقال: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه. وعبد الرحمن بن يزيد وإن كان يضعف -لكن الحديث الصحيح عن نافع٦ يدل على أن ابن عمر ما كان يفعل ذلك دائما ولا غالبا- وما أحسن ما قال مالك –رحمه الله- لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما


١ هذا ما كان يفعله ابن عمر رضي الله عنه. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ١/٢٣٠.
٢ انظر المرجع السابق، ١/٢٣١.
٣ وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيدا، وتقدم الحديث في نهيه عن ذلك في هامش ص ٢٢٩.
٤ الظاهر أن هنا سقط، وتقديره: "لا يعفلونه لعلمهم".
٥ هو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الدمشقي، صاحب مكحول، ضعفه جماعة، منهم: الإمام أحمد والبخاري، والنسائي وأبو زرعة والدارقطني. توفي سنة بضع وخمسين ومائة. ميزان الاعتدال، ٢/٥٩٨؛ وسير الأعلام/ ٧/١٧٧؛ وتهذيب التهذيب، ٦/٢٩٥.
٦ نافع بن مالك بن أبي عامر، الإمام الفقيه أبو سهيل الأصبحي المدني، حدث عن ابن عمر، وأنس بن مالك وغيرهما. وروى عنه مالك بن أنس وابن الشهاب وغيرهما، تأخر إلى قريب من "١٣٠هـ".
سير الأعلام، ٥/٢٨٣؛ تهذيب التهذيب، ١٠/٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>