للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أنكر السلف التمسح بحجر المقام، الذي أمر الله أن يتخذ منه مصلى؛ قال قتادة في الآية:١ "إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه. ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها، ذكر لنا من رأى/ أثره وأصابعه/٢، فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق٣" ٤.

وأعظم/من/٥ الفتنة بهذه الأنصاب، فتنة أصحاب القبور، وهي أصل فتنة عبادة الأصنام، كما ذكر الله في سورة نوح في قوله: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} الآية٦؛ ذكر السل في تفسيرها: أن هؤلاء أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم٧.


١ يريد قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:١٢٥] .
٢ كذا في أصل النص فيك كتاب: أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، لأبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد للأزرقي، تحقيق: رشدي الصالح، ط/٣،١٣٨٩هـ١٩٦٩م، دار الأنصار للطباعة، بيروت، ص ٢/٢٩، وكذلك في إغاثة اللهفان، وفي جميع النسخ: "أثر أصابعه".
٣ اخلولق: من خلق الشيء خلقا واخلولق: املاس ولان واستوى.
لسان العرب، ١٠/٩٠، مادة "خلق".
٤ إلى هنا قول قتادة ذكره الأزرقي في أخبار مكة ٢/٢٩-٣٠ والطبري في جامع البيان، ١/٥٣٧. وابن كثير في تفسيره، ١/١٧٥، وأخرج في ذلك أثرا عن ابن الشهاب، أن أنس بن مالك حدثهم قال: رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام وأخمص قدميه، غير أنه أذابه مسح الناس بأيديهم. وذكره القاسمي في تفسيره، ٢/٢٤٨. وما أنكره السلف من التمسح بحجر المقام، هو ما عليه أهل السنة اليوم، القائمون على رعاية الحرمين الشريفين من منع ما يقوم به العديد من جهلة الزوار وبعض الحجاج، من التمسح بجدران الكعبة، وبالسياج الحديدي المضروب على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمر ليس في الإسلام من شيء.
٥ كذا في المطبوع. وفي "أ" و "د": منه.
٦ سورة نوح: الآيتان "٢٣، ٢٤". وفي "أ" والمطبوع: "ذكرت الآية حتى قوله "سواعا"".
٧ صحيح البخاري مع الفتح، ٨/٥٣٥-٥٣٦، التفسير، باب "ود ولا سواعا ولا يغوث ويعوق". جامع البيان للطبري، ٢٩/٩٩، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١٨/١٩٨، تفسير ابن كثير، ٤/٤٥٤-٤٥٥. وانظر: إغاثة اللهفان، ١/٢٨٦-٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>