للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أزواجهم، مدة حياتهن على سبيل الإرفاق بالسكنى دون الملك، كما كانت دور النبي صلى الله عليه وسلم وحجره في أيدي نسائه بعده، لا على سبيل الميراث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن لا نورث؛ ما تركناه صدقة"١.

لكن يحكى عن سفيان بن عيينة٢ أنه قال: نساء النبي صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات، لأنهن لاينكحن بعده، وللمعتدات السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عشن، لا تملكا٣.

ويشبه أن يكون أمره بذلك قبل نزول آية الفرائض٤. فقد كانت الوصية للوالدين والأقربين مفروضة٥. وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالمؤاخاة بينهم، فنسخ بآية الفريضة، وبقوله تعالى: {وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ٦ وعمل الناس يدل على هذا ويرجحه.

وأما استدلال أبي داود في باب إحياء الموات ٧ فتأوله على وجهين:


١ صحيح البخاري، ١٢/٨، الفرائض، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث وما تركناه صدقة"، صحيح مسلم بشرح النووي، ١٢/٣٢٠؛ الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركناه صدقة".
٢ تقدمت ترجمته في ص ٢٠٣.
٣ معالم السنن بحاشية سنن أبي داود، ٣/٤٥٨.
٤ وهي قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية [النساء: ١١-١٢] .
٥ فقد كان ذلك قبل نزول الفرائض والمواريث، وذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠] .
وهذه الآية عامة، قد خصصتها آية الفرائض في النساء، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" فخرج من الوصية كل وارث؛ وبقيت الوصية للوالدين للذين لا يرثان، والأقرباء الذين لا يرثون. انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ٢/١٧٦.
٦ سورة الأنفال الآية "٧٥".
٧ يعني بالاستدلال، الحديث الذي تقدم ذكره برواية أحمد: "كانت زينب تفلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " في ص ٧٦٧، فهو هنا عند أبي داود في سننه، ٣/٤٥٧، كتاب الخراج والإمارة والفيئ، باب إحياء الموات.

<<  <  ج: ص:  >  >>