للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفع المفاسد، لا رفع المفاسد.

وقولك: منها ما صرح به الكتاب والسنة، ومنها ما /هو/١ في ضمنه؛ تقسيم فاسد، بل الكتاب والسنة صرحا بذلك وأوضحاه. قال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ٢، ولم يخرج فرد من ذلك. ولو قلت: فقد /صرح/٣ بذلك الكتاب والسنة أو /تضمناه/٤ لصلح التعبير.

وقولك: ومن البلاوي على أهل الوقت عامة، وعلى أهل نجد خاصة في دنياهم، القهوة، مع ضعف معائشهم:

فلا أدري ما يراد بالبلوى هنا، أهي الابتلاء في الدين، /أم/٥ هي الابتلاء بالنفقة فقط؟ فإن كان الأول، فلا يسلم بمجرد الدعوى، وإن كان الثاني، فالناس درجات وطبقات في اليسر والعسر والمعيشة، وتوسع الأغنياء إنما يذم لوجوه لا تختص بالقهوة أيضا، بل يجري في غير ذلك من سائر المباحات.

وأما التعليل بأن فيها مضار للأبدان، فلا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه، فإن الأبدان الدموية والبلغمية تنتفع بها بلا نزاع، والسوداوي والصفراوي يمكنه التعديل بالتمر الذي هو غالب /غذاء/٦ أهل نجد. وقد قال داود في تذكرته: بعد لها كل حلو.

وأما قولك: وإذا كان الخمر يزيل العقل عند شربه، فهي شاهدناها تخامر العقل عند فقدها، فهذا الكلام لا ينبغي أن يقال؛ لأن الخمر يزيل العقل بمخامرته أي تغطيته، وهي لا تزيل العقل ولا تخامره، بل ربما كان شاربها أقوى الذهن، حاد الإدراك، جيد الحافظة. والموجود عند فقدها لا يسمى مخامرة، وإنما هو كسل.


١ زيادة في "د" والمطبوع.
٢ سورة هود: الآية "١١٨، ١١٩".
٣ في "د": صرحا.
٤ في "أ": "تضمنا". بإسقاط الهاء.
٥ في جميع النسخ: أو. وهو هنا غير صالح؛ إذ إنه في مقابلة همزة الاستفهام.
٦ في "أ": قوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>