للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونها لا تغني من جوع ولا تروي، فهذا الوصف يأتي على كثير مما تتعاطونه من المباحات ولم تأت الشريعة بتحريم ما لا يغني من جوع ولا يروي {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} ١.

وأما كون مزرعها من بلاد الكفار، فمتى كان عندكم امتناع عما زرعه الكفار، ونسجه الكفار، وخرج من بلاد الكفار، وجمهور أموالكم ومأكلكم من هذا الضرب، " ثكلتك أمك يا معاذ" ٢ أو "ويح عمار" ٣، قد كانت. /المدينة/٤ في عهد النبوة، يجلب إليها من بلاد الكفار أنواع المآكل والأدهان والملابس التي نُسجت وصبغت ببلاد الكفار، كما لا يخفى على من له أدنى نظر في الأخبار.

وأما ما زعمت من ضررها على أهل الجهاد، فمن الظرائف التي لا يستظرفها


١ سورة مريم: الآية "٦٤".
٢ هذا جزء من حديث طويل لمعاذ بن جبل، وفيه: " ... ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال: " كف عليك هذا"، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يُكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ ". سنن الترمذي، ٥/١٣، الأيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة. سسن ابن ماجه، ٢/٣٧٣، الفتن باب كف اللسان في الفتنة.
ولفظ: "ثكلتك أمك" هنا: كأنه دعا عليه بالموت لسوء فعله، أو أراد: إذا كنت هكذا، فالموت خير لك لئلا تزداد سوءا. ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب، ولا يراد بها الدعاء، كقولهم: "تربت يداك". النهاية لابن الأثير، ١/٢١٧؛ لسان العرب، ١١/٨٩، مادة "ثكل".
٣ هذا جزء من حديث أبي سعيد في قصة بناء المسجد قال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب وعنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار". صحيح البخاري مع الفتح، ١/٦٤٤، الصلاة، باب التعاون في بناء المسجد. صحيح مسلم بشرح النووي، ١٨/٢٥٥، الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل فيتمنى مكان الميت من البلاء.
قال ابن حجر: "ويح عمار" كلمة رحمة.
٤ في "أ": في المدينة. بزيادة "في"، وهو خطأ من الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>