للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغلبة والسيف، واستولوا على أكثر بلاد المسلمين، وديارهم، وصارت الإمامة لهم بهذا الوجه، ومن هذا الطريق، كما عليه العمل عند كافة أهل العلم من أهل الأمصار في أعصار متطاولة.

وأوّل ذلك ولاية آل مروان، لم تصدر لا عن بيعة، ولا عن رأي، ولا عن رضا من أهل العلم والدين بل بالغلبة؛ حتى صار على ابن الزبير ١ ما صار، وانقاد لهم سائر أهل القرى والأمصار.

وكذلك مبدأ الدولة العباسية، ومخرجها من خراسان، وزعيمها رجل فارسي يُدعى أبا مسلم ٢، صال على من يليه، ودعا إلى الدولة العباسية، وشهر السيف وقتل من امتنع عن ذلك، وقاتل عليه، وقتل ابن هُبيرة ٣ أمير العراق، وقتل خلقا/ كثيرا/٤ لا يحصيهم إلا الله، وظهرت الرايات السود العباسية، وجاسوا خلال الديار قتلا ونهبا، في أواخر القرن الأول ٥، وشاهد ذلك أهل القرن الثاني والثالث من أهل العلم والدين وأئمة الإسلام؛ كما لا يخفى على من شم رائحة العلم، وصار على نصيب من معرفة التاريخ وأيام الناس.

وأهل العلم مع هذه الحوادث، متفقون على طاعة من تغلَّب عليهم في المعروف، يرون نفوذ أحكامه، وصحة إمامته، لا يختلف في ذلك اثنان، ويرون المنع من الخروج


١ تقدمت ترجمته في ص ٨٧٦.
٢ هو عبد الرحمن بن مسلم –ويقال - ابن عثمان، أبو مسلم الخراساني، الأمير صاحب الدعوة وهازم جيوش الدولة الأموية، والقائم بإنشاء الدولة العباسية "ت١٣٧هـ".
تاريخ بغداد ١٠/٢٠٧، وفيات الأعيان ٣/١٤٥، سير الأعلام ٦/٤٨.
٣ تقدمت ترجمته في ص ٨٨٥.
٤ في "د" كثير.
٥ ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ٩/١٨٩، أن ظهرو الدعوة العباسية كان في سنة "١٠٠هـ" أما ظهور الرايات السود العباسية كان في الثلث الأول من القرن الثاني، وكانت بداية ذلك في سنة ١٢٩هـ على يد أبي مسلم الخراساني. ثم كان سقوط الدولة الأموية في عام ١٣٢هـ. [البداية والنهاية لابن كثير ١٠/٢٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>