للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ١.

فإسلام الوجه لله هو عبادته، والكفر بعبادة من سواه، وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وهذه/الكلمة تتضمن العلم والعمل مع القول، فلا يكتفى ببعض ذلك، بل لا بد من العلم والعمل والشهادة.

وأما الإحسان: فهو أن تعبد الله بما شرع لا بالأهواء والبدع وهذا هو حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله، فإنها تقتضي وتتضمن وجوب متابعة، وتحريم معصيته، وأن السير إلى الله من طريقه ومحجته، هذا هو حقيقة اتباع الرسول، والشهادة له، بالرسالة. والدين كله يدخل في هذه الجملة الشريفة وبسط الكلام عليها يستدعي أسفارا.

والسؤال الذي أجاب عنه هذا الرجل في رسالته، يلزم المفتي ويجب عليه التفصيل في جوابه، ولا يجوز له إطلاق القول؛ لأن الحكم يختلف باختلاف الحال. وإطلاق القول بتكفير كل صالح من صلحاء الأمة من غير تعيين يدخل فيه كل موصوف بهذه الصفة من حين مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين. وما أظن هذا يقع من عاقل يتصور ما يقول، مسلما كان أو كافرا، سُنيا أو بدعيا؛ لأن الكافر لا يرى الحكم بالكفر ٢ أو الإسلام؛ إذ هي أحكام شرعية، لا يقول بها إلا أهل الشريعة.

وأما المسلم، فلا يتصور أن يكفر صلحاء أهل المدينة، وكذلك السني والبدعي كل منهما يدعي موالاة صلحاء الأمة، ويرى أنهم هم أسلافه وأئمته، وكل طائفة تدعي موالاة الصلحاء والبراءة من الفساق ونحوهم.

وأما إن كان قصد السائل من يكفر معينا من هذه الأمة: فعليه أن يعبر بغير هذه


١ سورة البقرة: الآيتان: "١١١، ١١٢".
٢ "بالكفر" ساقط من ب وج.

<<  <  ج: ص:  >  >>