للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حقهم لأنه أن لم يكن من أهل العبادة لأنها ثمن الجنة فهو من أهل المعصية التى هى سبب العقوبة فيستقيم إثبات خطاب المناهي فى حقه وأن لم يستقم إثبات خطاب العبادات قال وهذا يحثهم على المعاصي في الدنيا لأن الحدود عقوبات على إنكار المناهي وخطاب المناهي قد لحقهم ولأن هذه الأعمال للفكاك عن قيد الاستعباد كما أن مال الكتابة يؤديه العبد للفكاك عن قيد الرق وقبل الإيمان بالله عز وجل لا يتصور منه أعمال تتعلق بهذا الفكاك عن القيد وأما الإيمان فيتعلق بنفسه للفكاك أو يثبت عقد الفكاك فاستقام الخطاب بالإيمان دون الأعمال ألا ترى أن المولى يستقيم منه خطاب العبد بأداء المال بعد عقد الكتابة ولا يستقيم قبل عقد الكتابة هذا طريقا إلى هذا الموضع وتعلقوا بالخبر المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن قال له ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة وفي رواية فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد فى فقرائهم١ فقد أخبر أن هذه الواجبات تلزم بعد الإيمان بالله تعالى ولو لزمت مع لزوم الإيمان لم يكن لتأخير ذكر الإيجاب معنى.

وأما حجتنا في هذه المسألة تتعلق أولا بما ورد من السمعيات في الباب والتعلق للأصحاب بما ورد في القرآن والسنة كثيرة غير أن المختار من ذلك قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: ٤٢, ٤٥] فقد ذمهم ووبخهم بترك الصلاة وكذلك بترك الزكاة لأن إطعام الطعام الذى يتعلق بتركه التوبيخ هو الزكاة فلولا أن ذلك توجه عليهم ولحقهم خطابه لم يستقم التوبيخ والذم فإن قيل معناه لم نك من جملة المصلين أي المسلمين قلنا لا يستقيم ذلك لأن قوله: {مِنَ الْمُصَلِّينَ} يفيد أنهم استحقوا الذم لأنهم لم يصلوا كقول القائل عاقبت فلانا لأنه لم يك من المطيعين يدل أنه عاقبه لأنه لم يطعه.

فإن قيل قوله: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} يجوز أن يكون إخبارا لأنهم كانوا ارتدوا.


١ أخرجه البخاري الزكاة ٣/٣٠٧ ح ١٣٩٥ ومسلم الإيمان ١/٥٠ ح ٢٩/١٩ وأبو داود الزكاة ٢/١٠٧ ح ١٥٨٤ والترمذي الزكاة ٣/١٢ والنسائ الزكاة ٥/٣ باب وجوب الزكاة وابن ماجه الزكاة ١/٥٦٨ ح ١٧٨٣ وأحمد المسند ١/٣٠٦ ح ٢٠٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>