كالإيمان لأنه ثبت له الحق فى الجنة فصار الإيمان فى الحقيقة اكتسابا للجنة وهو من أهل اكتسابها.
قالوا: ولا يجوز أن يقال أنه من أهل العبادة إذا أسلم فيصح الأمر ليسلم ويفعل بمنزلة المحدث مخاطب بالصلاة ليتطهر ويصلى.
وهذا لا يصح لأن الكافر فى الحال ليس بأهل للعمل ليثاب عليه والخطاب يتناول العمل فى الحال لأن الخطاب هو قوله صل وصم وهذا تناول الحال وفى الحال ليس هو من أهل هذا العمل ولا الكافر أعد للإسلام ما له حتى يعطى له حكم ما له فى الإعداد له كالمنى فى الرحم وبيض الطير فالكافر ماله مال الإسلام لا حيلة له من الله تعالى ولا عادة لهم بل العادة فى الكافر التمسك بالكفر كالمسلم عادته التمسك بالإسلام وإنما يختار الإسلام كالمسلم يختار الكفر نادما.
قالوا: وليس كالجنب لأنه بنفسه أهل لعمل يثاب عليه غير أنه لا يصح منه الصلاة لفقد شرطه وهو الطهارة فهى شرط لصحة الأداء لا ليصير أهلا لعمل يثاب عليه فى الآخرة فيصح الخطاب له على أن يفعله بشرطه وأما الكافر فليس بأهل لعمل يثاب عليه فى الآخرة أصلا فلا يصح الخطاب معه أصلا وسبيل هذا سبيل المولى يقول لعبده أعتق عن نفسك عبدا أو كفر عن يمنيك بالمال يكون لغوا لأن ملك المال شرط التصرف بهذا الخطاب والعبد ليس من أهل ملك المال وبمثله لو قال لحر أعتق عبدك على ألف فأعتق صح عنه بصحة الأمر لأنه أهل الإعتاق إلا أنه فقد فى الحال شرط الأداء وهو الملك وصح الأمر به على أن يؤدى المأمورية بشرطه قال ولا يجوز أن يقال أن الكفر معصية فلا يجوز أن يجعل شىء لسقوط الخطاب لأنه تخفيف والكفر لا يصلح سببا للتخفيف قال لأنا لا نسقط الخطاب برحمة ليكون سبب العذر بل أسقطنا الخطاب نقمة لأنه سقط لخروجه عن صلاحية الجنة وهذا نقمة ببنية أن الكافر سقط عنه خطاب الله تعالى بالعبادات ليأسه عن الجنة وبخطاب المؤمن بالعبادات لاستحقاقه الجنة وشدة النار فوق ثقل الخطاب وراحة الجنة فوق راحة سقوط الخطاب وهذا كالبهائم لا يخاطبون وليس ذلك لإرادة التخفيف عليها بل لأنها ليست بأهل الخطاب فكان سقوط الخطاب للإزراء بها كذلك سقوط العبادات عن الكفار ليس للتخفيف عليهم بل لإخراجهم عن أهلية الخطاب فيكون على وجه العقوبة والإزراء بهم وإلحاقهم بالبهائم التى لها خطاب عليهم قال وأما المناهى ثابتة.