للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علم أنه محدث وكذلك من أفسد على نفسه الحج يجب عليه المضي وأن كان غير مجزيء عنه فهذا كلام ذكره عبد الجبار بن أحمد في العمد.

وأما دليلنا نقول أن معنى الإجراء هو الخروج عن عهده الأمر أو إنهاء ذلك الأمر في حقه فنقول على هذا امتثل الأمر كما أمر فوجب أن يخرج عن عهده الأمر.

كالمولى إذا قال لغلامه اسقني فسقاه يخرج عن عهدته وهذا لأن الأمر لا يقتضي الفعل إلا مرة واحدة فإذا فعل المأمور ما اقتضاه هذا الأمر وجب أن لا يبقي عليه واجب آخر من جهة هذا الأمر وإذا لم يبق عليه شيء من جهة الأمر لا بد أنه حكم بكون المفعول مجزئا وهو يعني خروجه عن عهدته وهو كما لو نهى عن شئ فانتهى خرج عن عهدة النهى.

وأما كلامهم ففي غاية الضعف لأن القضاء يجب بأمر جديد فكيف يستقيم تفسير الإجراء بسقوط القصد ولهذا المعنى صح وورد أمر من الشارع لاقضاء له عن فواته مثل الجمعة وما يشبهها وإنما معنى الإجراء ما بيناه.

ببينه أن المأمور بامتثال الأمر يصير مطيعا لأمر آمره ومتى جعل مطيعا لا بد أن يكون طاعة وأما الذي قالوا: أنه ظن أنه على الطهارة يجب عليه الصلاة ثم يلزمه قضاؤه.

قلنا إنما وجب بناء على طهارة فإذا تبين أنه لم يكن على طهارة ظهر أنه لم يمتثل للمأمور كما أمر فبنى الحكم على ما تبين حقيقته وأعرض عن الحكم الذي كان مبتنيا على ظن منه وكان الأمر بخلافه وكذلك في مسألة الحج الفاسد إذا مضى عليه بها وجب عليه القضاء لآنه ممتثل المأمور كما مر لأنه أمر بالحج الخالي عن الإصابة وقد حج لا على هذا الوجه فلم يخرج عن عهدة الأمر وأما في مسألتنا فقد فعل المأمور كما أمر فلا بد أن يقع المفعول مجزئا عنه على أي وجه فسر الإجزاء والله أعلم.

مسألة: الأمر بالشئ نهى عن ضده من طريق المعنى

وهذا مذهب عامة الفقهاء وذهبت المعتزلة إلى أنه يكون نهيا عن ضده١ وتعلقوا.


١ قال الشيخ الحسيني الشيخ:
أـ لا خلاف بين العلماء في أن مفهوم الأمر سواء كان لفظيا أو نفسيا مخالف لمفهوم النهي كذلك "أي حقيقة الأمر غير حقيقة النهي".......=

<<  <  ج: ص:  >  >>