فإن السكون يساوي عدم الحركة لأن عدم الحركة لا يتحقق إلا بالسكون وأخذ مع ضده حكم النقيض فلا يجتمعان ولا يرتفعان إذ لا تجتمع حركة وسكون في وقت واحد لشيء واحد لا يرتفعان كذلك بل لا بد أن يكون الشيء متصفا بأحدهما ضرورة أن الشيء الواحد لا يخلو عن حركة أو سكون. والناظر في هاتين العبارتين يجد بينهما فروقا ثلاثة: أ - أن التعبير بقولهم وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه لا يفيد إلا حكم النقيض في الوجوب "أي فإن ندب الشيء يستلزم حرمة نقيضه فهذه العبارة قاصرة لا تشمل ما ذكرنا" أما حكمه في الندب فلا "فهي غيرجامعة" بخلاف التعبير بقولهم الأمر بالشيء نهي عن ضده أو يستلزم النهي عن ضده فإنه يفيد حكم الضد فيهما "الوجوب والندب" لأن الأمر بالشيء بصفته عند عدم القرينة الصارفة يدل على الوجوب ومعها يدل على الندب والتعبير بالأمر يتناول الوجوب والندب والتعبير بالنهي يتناول التحريم والكراهة لأن النهي وهو طلب الكف عن الفعل إن كان جازما فهو للتحريم وإلا للكراهة وعلى هذا يكون الأمر بالشيء دالا على التحريم للضد إن كان الأمر للوجوب ودالا على كراهته إن كان الأمر للندب فيكون التعبير بقولهم: الأمر بالشيء نهي عن ضده مفيدا لحكم الضد إيجابا وندبا. ب - أن التعبير بقولهم: الأمر بالشيء..الخ فإنه يفيد أن محل النزاع في هذه المسألة هو ضد المأمور به وليس نقيضه. جـ - أما قولهم "وجوب الشيء الخ" فإنه يفيد الواجب محل النزاع بينهما وأن من العلماء من يقول: إن الأمر بالشيء ليس دالا على النهي عن نقيضه وهو باطل لأن الإجماع منعقد على أن نقيض الواجب منهي عنه لأن إيجاب الشيء هو طلبه مع المنع من تركه والمنع من الترك هو النهي عن الترك والترك هو النقيض فيكون النقيض منهيا عنه فالدال على الإيجاب وهو الأمر دال على على النهي عن النقيض لأنه جزؤه ضرورة أن الدال على الكل يكون دالا على الجزء بطريق التضمن. "أي فالنقيض ليس محل النزاع بل الضد لأن الواجب ما يذم شرعا تاركه إلخ فالواجب طلب الشيء مع المنع من تركه فالمنع من الترك مدلول للوجوب فهو جزء من الوجوب لأن الوجوب دل عليه تضمنا فالنقيض هو الترك" وإن كان الأمر كذلك تعين أن يكون الخلاف في الضد فقط ووجب أن يكون التعبير عن ذلك النزاع بما يدل صراحة عن محله والذي يفيد ذلك قولهم: "الأمر بالشيء..الخ" لا الثانية فتأمل. ورجعت الأولى بالرغم من أنها قاصرة بأن ما يستفاد من غير النص محمول على ما أفيد بالنص بالقياس.............. =