للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..........................................................................


= واستدل اصحاب المذهب الثاني:
بأن المأمور به لما لم يتصور وجوده إلا بترك أضداده كان طلبه مستلزما لطلب تركها لما سبق ذكره في الإجابة عن دليل المذهب الأول فيكون تركها واجبا إن كان الأمر للإيجاب ومندوبا إن كان الأمر للندب وهو معنى كونها منهيا عنها غير أن النهي عن أضداد الواجب يكون نهي تحريم وعن أضداد المندوب يكون نهي كراهة أو تنزيه واستدل أصحاب المذهب الثالث بدليلين:
الأول: لو كان الأمر نهيا عن ضده أو متضمنا له لكان الأمر بذلك الشيء متصورا الضد ومتعلقا به لكن التالي باطل فبطل المقدم وثبت نقيضه.
"فكيف يطلب الترك عن مجهول".
أماالملازمة: "الدليل اقتراني أو دليل استثنائي" فلأن الكف عن الضد هو مطلوب النهي فيكون الضد محكوما عليه بالحرمة أو بالكراهة والحكم على الشيء فرع عن تصوره وأما الاستثنائية فلأنا نقطع أن الأمر بالفعل قد يأمر به وهو غافل عن أضداده والكف عنها.
الثاني: لو كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده أو مستلزما له لكان الأمر بالعبادة مخرجا للمباح عن كونه مباحا وللواجبات الأخرى عن كونها واجبة لكن التالي باطل فبطل المقدم وثبت نقيضه وهو المطلوب "أي سيترتب عليه قلب حقائق فيخرج المباح عن المباح ويقلب الواجب والمباح إلى الحرام وما أدى إلى باطل فهو باطل كاقرأ القرآن فينهى عن ضده من المباحات كالأكل والواجبات كالصلاة فلم يكن نهيا أو مستلزما للنهي عن ضده فيكون المباح والواجب حراما وهو باطل وما أدى إلى باطل فهو باطل" أما الملازمة فلأنه مما لا شك فيه أن أداء العبادة المطلوب بالأمر يتوقف على ترك جميع المباحات والواجبات المضادة لها "ليخرج ما لا يضاده كالصيام مع الصلاة وقراءة القرآن فالعبادة إما:
أ - تتضاد مع بعضها.
ب - توجد مع بعضها.
فتكون هذه المباحات والواجبات منهيا عنها ومحرمة إن كان النهي للتحريم أو مكروهة إن كان النهي للتنزيه ويلزم ذلك خروج المباح والواجب عن أصله من الإباحة والوجوب إلى الحرمة والكراهة أما الاستثنائية فلما فيه من مخالفة الأصل والخروج بالشيء عن وضفه الشرعي الذي وضع فيه.
ويجاب عن الدليل الأول بجوابين:
الأول: لا نسلم غفلة الآمر بالشيء حال أمره عن طلب ترك ما يمنع فعل المأمور به من جهة الجملة "الاستحضار التفصيلي مسلم ولكن الأمر غير مسلم" "الاستحضار الإجمالي أن يترك جميع الأضداد".
وإن كان غافلا عن تفصيله وهذا هو المراد من قولنا: الأمر يستلزم النهي عن ضده لأن الآمر لا يطلب الفعل المأمور به إلا إذا علم أن المامور متلبس بضده لا به "أي لا بالمأمور به لئلا يكون تحصيل حاصل فالضد يكون في العقل" وإلا لزم تحصيل حاصل وهو باطل وإذا.......=

<<  <  ج: ص:  >  >>