الثاني أن هذا الدليل منقوض بوجوب المقدمة "الآمر بالشيء يكون آمرا بالمقدمة قد يأمر به وليس في ذهنه هذه المقدمة وأنتم قلتم بذلك" حيث قالوا إن الخطاب الدال على إيجاب الشيء ويدل على إيجاب ما يتوقف عليه مع أن الآخر بالشيء قد يأمر به وهو غافل عما يتوقف عليه وحينئذ يكون قد حكم على المقدمة بالوجوب وهو غير متصور لها فما هو جوابكم هناك يكون جوابنا هنا "فهناك حكم على المقدمة بالوجوب وهنا حكم على الضد بوجوب الترك". وعن الدليل الثاني: بأنه لا مانع "حرمناها وقت التلبس بالمأمور به والتحريم المؤقت جائز كالصلاة في الأوقات المكروهة وصوم يوم الشك حرام مع أن الصيام واجب" من خروج المباحات بل الواجبات المضادة للمأمور به عن كونها مباحة أو واجبة من حيث إنها مانعة بأنها في هذه الحالة.......= = منهيا عنها من جهة توقف وجود الواجب على تكرها وهذا لا يستلزم كونها منهية عنها من حيث ذاتها حتى يلزم خروج الواجبات والمباحات من أصلها من الوجوب والإباحة إلى الحرمة والكراهة على الإطلاق إذ من المعلوم المقرر أن الصلاة وهي واجبة تكون حراما في الأرض المغصوبة فإنها في ذاتها غير منهي عنها من هذه الجهة لم يستلزم خروجها عن أصلها من وجوبها في ذاتها وعدم النهي عنها. واستدل أصحاب المذهب الرابع: بأن الفعل الذي هو ضد المأمور به أمر ندب لا يخرج بفعله والتلبس به الذي يكون به ترك المندوب حال طلبه عن الجواز الذي هو أصله "أمر الندب نهى عن ضده نهي تنزيه فلم يخرجه عن الجواز فليس داخلا معنا ولكن أمر الإيجاب يقلب حقيقة الضد صل ركعتين قبل الظهر ضده الأكل فلا يخرج بفعل الأكل الخروج عن الجواز لأنه مخير في فعله وعدم فعله أي المندوب". إذ لزم على ترك المندوب "ترك المندوب جائز ففعل الضد أي التلبس به جائز لأن التلبس بالضد ترك للمندوب" "بخلاف الفصل الذي هو ضد المأمور به أمر إيجاب فإنه يخرج بفعله الذي به يكون ترك الواجب من الجواز الذي هو أصله إلى الحرمة وهو المطلوب". ويجاب بأنا لا نسلم بقاء ضد المندوب على أصله من الجواز حين يكون فعله محققا لترك المندوب "في تلك الحالة لأن الندب ما يثاب. الخ قترى فيه عدم ثواب حيث توقف عليه فعل ما يحقق الثواب ففعل الضد يجلب عدم الثواب فالأمر بالشيء نهى عن ضده ولكن لما توقف على ترك الضد ما يحقق ثواب كان منهيا عنه" بل يكون حينئذ مكروها لأن كل مفوت للمندوب يكون مكروها ولا شك أن الكراهة غير الجواز لأن الكراهة فيها ترجيح جانب الطرفين لا استوائهما فيكون الفعل مكروها والنهي عنه مستفاد من الأمر بضده نهى كراهة........=