حال أو يدلوا على الاستغراق بالتعليل بأن يقول: كل من دخل دارى ضربته لأنه دخل دارى فيعرف بالتعليل أنه يريد أن يعم كل من دخل الدار.
والجواب أما الأول فلا يصح لأن الأشياء التى ذكروها غير ظاهرة فيجوز أن لا يضعوا لها عبارات تخصها بخلاف معنى العموم والشمول والمعتمد من الجواب أن تلك الأشياء أن لم تكن لها أسامى مفردة فلها أسامى مركبة.
وبيانه أنه يقال اعتمد سفلا واعتمد علوا أو يقال قال يمنة أو يسرة ويقال رائحة الكافور ورائحة العنبر إلى سائر الروائح ويقال فى الماضى ضرب زيدا وفى المستقبل يضرب زيدا وهذا بخلاف ما تنازعنا فيه لأنه ليس عند خصومنا فى اللغة كلام موضوع ولا مركب منبىء عن الاستغراق من غير قرينة ولا دلالة.
وأما قولهم أنه يعد الأشخاص واحدا واحدا.
قلنا هذا يطول وسبق فلا يجوز المصير إلى مثل هذا.
وقولهم أنه يفيد العموم والشمول بقرينة أو أمارة أو دلالة.
قلنا يبعد أن تضع العرب للشىء الواحد عددا من الأسامى ثم يكتفون فى معنى الشمول والعموم بقرينة أو بإشارة مع اتساع العبارات وضيق القرائن والأشارات وعلى أن العلم من حيث الدلالة أو الإشارة ليس مما يصلح لجميع الناس بل هو شىء خاص يقع للبعض دون البعض فلا يجوز أن يقع الاقتناع به فى مثل هذا المعنى الظاهر وكذلك الجواب عن التعليل الذى ذكروه وعلى أنه ليس كل معنى يعرف علته حتى يعلل بها.
ألا ترى أن الإنسان إذا أراد أن يخبر بأن كل من فى الدار نائم أو ضارب أو آكل وغير ذلك مما لا يحصى كثرة لم يعرف لذلك علة حتى يعلل بها.
قالوا: إنما يصح هذا الدليل الذى ذكرتم أن لو كانت الأسماء مواضعة من أهل اللسان وأما الأسماء توقيف فليس يوجد فيها هذا الدليل.
قلنا ومن يسلم لكم أن الأسماء توقيف وعلى أنا نقول الأسماء بعضها على التوقيف وبعضها على الوضع وهذا هو الأولى فينبغى إذا لم يوجد فى شىء توقيف واشتدت حاجتهم إلى وضع اسم له أن يضعوا كلاما يكون أسماء له كما أن من أحدث آلة جديدة يجوز أن يضع اسما لها ومن ولد له ولد يجوز أن يضع اسما له فالشخص الواحد إذا جاز له ذلك فالأمم الكبيرة بذلك أولى.