فقال استيعاب الجنس حد هو أحسن التعبير فيكون له صيغة يراد بصيغته من غير قرينة كالفرد والتثنية.
أما الجواب عن كلماتهم أما الأول قلنا قد أجبنا عن هذه الشبهة فى ابتداء باب الأوامر فلا معنى للإعادة.
والحرف أنهم يقولون أن لفظ العموم للاستيعاب ولما دونهم فيدخل عليهم هذه الشبهة كما دخلت علينا وأن ارتكب منهم ما ارتكب وقال إنها غير موضوعة للاستيعاب بحال فهذا محال لأنا نعلم بالضرورة وبالنقل عنهم وفى مستعمل كلامهم أن لفظ كل والجميع إذا استعملت فى الاستغراق لم يكن مجازا ولو لم نعلم ضرورة يمكن أن ينقل بالتواتر أنهم أضافوا إلى هذه الألفاظ أحكامها لا يصح إلا إذا كانت الألفاظ عامة نحو الاستثناء والاستفهام وغير ذلك وذكرنا أيضا أن هذا الكلام يدخل على من ادعى التوقف والاشتراك وقد سبق تقرير هذا.
وأما دليلهم الثانى قولهم أن هذه الألفاظ تستعمل فى الاستيعاب وفيما دونه على وجه واحد قلنا أن عنيتم أن هذا اللفظ يستعمل فى الاستيعاب وما دونه على الحقيقة فلا نسلم ذلك وكذلك أن قالوا: أنه يستعمل فى كل واحد منهما من غير قرينة لا نسلمه أيضا.
ونقول ليس استعمال لفظ العموم فيما دون العموم كاستعماله فى الاستغراق فإن استعماله فى الاستيعاب بصيغة وفيما دونه بقرينة تنضم إليه وهو من استعمال اسم الحمار فى البهيمة والبليد واسم الأسد فى الحيوان المخصوص والشجاع وليس كثرة الاستعمال دليل على الحقيقة ولا قلة الاستعمال بدليل على المجاز إنما الحقيقة والمجاز يعرفان بوجوه آخر.
ويقال لهم أليس قولنا أمر يستعمل فى الشأن والفعل وليس بحقيقة فيهما وقد كثر استعمال لفظ الأمر فى الشأن والفعل كثرة استعمال لفظ العموم فيما دون الاستيعاب فإن قالوا: إنا عرفنا كون استعمال الأسد فى الشجاع والحمار فى البليد مجازا بطريق الضرورة فهل تعرفون استعمال لفظ العموم حقيقة فى الاستيعاب فإذا استعمل فيما دونه فلا بد أن يكون مجازا وليس كل مجاز يعرف ضرورة ولكن يعرف دليل يقوم عليه فإن قالوا: أنتم لا تقولوا أن العموم إذا طبق يكون مجازا قلنا قد ذهب جماعة من الأصوليين أنه يصير مجازا ووافقهم على ذلك بعض أصحابنا.