للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الانبياء:٧٨] ورد الكناية إلى الاثنين بلفظ الجمع وتعلقوا أيضا بقوله تعالى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [صّ: ٢١] الآية فاستعمل فى الاثنين لفظ الجمع وتعلقوا أيضا بقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] وإنما لهما قلبان وقد ذكرهما بلفظ الجمع وتعلقوا بقوله عليه السلام الاثنان فما فوقهما جماعة١ والمعتمد لهم شيئان أحدهما أن الجمع فى صيغة اللغة هو ضم الشىء إلى الشىء وهذا فى الاثنين مثله فى الثلاث وإذا وجد الجمع حقيقة فى الاثنين صح أن يتناوله اسم الجمع حقيقة.

والثانى أن الاثنين يقولان فى المخاطبة فعلنا كذا ويقولان دخلنا وخرجنا وأكلنا وشربنا فإذا خاطبا خطاب الجمع دل أنهما جمع مثل الثلاث سواء وأما دليلنا ما روى أن ابن عباس احتج على عثمان رضى الله عنهم فى أن الأخوين لا يحجبان الأم من الثلث إلى السدس بقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وقال ليس الأخوان إخوة فى لسان قومك فقال عثمان رضى الله عنه لا أستطيع أن أنقض أمرا كان قبلى وتوارثه الناس ومضى فى الأمصار فلو لم يكن ذلك مقتضى اللغة لما صح احتجاجه وما أقره عليه عثمان وهما من فصحاء العرب وأرباب اللسان.

فإن قيل روى عن زيد بن ثابت أنه قال الأخوان إخوة فصار مخالفا لهما.

قلنا المراد بذلك أنهما كالإخوة فى الحجب.

والمعتمد هو الاستدلال من حيث اللغة فنقول الدليل على أن لفظ الجمع لا يتناوله الاثنين أنه لا ينعت بالاثنين وينعت بالثلاثة فإنه يقال رأيت رجالا ثلاثة ولا يقال رأيت رجالا اثنين ويقال أيضا رأيت جماعة رجال ولا يقال رأيت جماعة رجلين فإن كانت الجماعة لا تنعت بالاثنين بحال عرفنا أنه لا يتناولها اسم الجمع بحال.


= وجماعة من أصحاب الشافعي رضي الله عنه كالغزالي وغيره أنه اثنان ومذهب ابن عباس والشافعي وأبي حنيفة ومشايخ المعتزلة وجماعة من أصحاب الشافعي أنه ثلاثة وذهب إمام الحرمين إلى أنه لا يمتنع رد لفظ الجمع إلى الواحد انظر إحاكم الأحكام ٢/٣٢٤ نهاية السول ٢/٣٩٤ المحصول ١/٣٥١.
١ إسناده ضعيف أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة ١/٣١٢ الحديث ٩٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>