للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقول أيضا الأسماء سمات والسمات علامات لما وسم بها من الأعيان فسمة الاثنين مخالفة لسمة الجماعة كما كانت سمة الواحد مخالفة لسمة الاثنين وعلى هذا جرت العادة بالتفضيل فى الأعداد.

وقيل آحاد ومثانى وجموع فكان هذا دليلا أن الجمع بعد التثنية كما أن التثنية بعد الواحد وكذلك هذا الاختلاف فى تفصيل عدد الأجناس قالوا: رجل ورجلان فإذا بلغ العدد ثلاثة قالوا: رجال وقيل امرأة وامرأتان ثم تركوا هذا الاسم فى الجمع قالوا: أيضا فدل أن سمة الاثنين متميزة عن سمة الجماعة فى الوجوه كلها.

وأما الجواب عن دليلهم وتعلقهم بالآية الأولى والثانية فما ذكرنا دليل على أن ذلك مذكور على وجه المجاز لا على وجه الحقيقة وأما قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] فقد قيل أن هذا الباب مخصوص لا يقاس عليه غيره وهو باب مفرد فى ذكر ما فى الإنسان من الجوارح فقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] وكذلك قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] والمراد بذلك اليمين من كل واحد منهما ولو كان لزيد خاتم ولعمرو خاتم لم يصلح أن نقول خذ خواتيمهما والمراد خاتم واحد من كل واحد بل الصحيح أن نقول خذ خاتمهما فصار هذا مخالفا لجوارح الإنسان فافهم هذا فإنه يأت جنس فى العربية وقد قالوا: يوم أعشار وثوب أخلاق ولم يدل ذلك أن الواحد اثنان.

وكان الحجاج يقول: يا غلام اضربا عنقه وخليا عنه ومن هذا قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [قّ:٢٤] وأما الخبر الذى رووه فلا نعرف صحته وعلى أن المراد به أن حكم الاثنين حكم الجماعة فى ثواب صلاة الجماعة وانعقادها وهذا لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل على تأويل الاسم اللغوى.

وأما قولهم أن الجمع حقيقته الضم قلنا نعم ولكنه من ضم ثلاثة بعضها إلى بعض وكذلك ما زاد عليه واللغة على ما وردت لا على ما يدل عليه القياس.

ألا ترى أن الواحد يوجد فيه ضم بعض الأشياء إلى البعض لأنه جوهر متركب من أشياء مختلفة ومع ذلك لا ينطلق عليه اسم الجمع وقد نقض الأصحاب ما يصيرون إليه من الاشتقاق فى اسم الجمع بفصل الدابة والجنين والقارورة وغير ذلك.

وأما الكلام الثانى الذى اعتمدوا عليه وهو الخبر عن فعل اثنين بلفظ فقد يتفق اللفظان فى موضع الغنية عن التفريق بينهما ولا يدل ذلك على الجمع فى المعانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>