للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يحصل إجماعا لعدم انتشاره فقد كان الشافعى رحمه الله يجعله فى القديم حجة كالقياس وهو قول أبى حنيفة ومالك ثم رجع عنه فى الجديد وصح أن يكون حجة فعلى هذا القول لا يجوز تخصيص العموم به.

وأما القول القديم فقد اختلف أصحابنا فى تخصيص العموم به فقال بعضهم يجوز لأنه حجة شرعية بمنزلة سائر الحجج وقال بعضهم لا يجوز لأن الصحابى محجوج بالعموم فلا يخص بقوله العموم وقد كانت الصحابة يتركون أقوالهم إذا سمعوا العموم فى خبر النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر كنا نخابر أربعين سنة حتى روى لنا رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها بخبره١ ومثل هذا يوجد كثيرا.

وأما تخصيص عموم الخبر بمذهب راويه.

فإنه أجازه أبو حنيفة لأنه أعرف بمخرج ما رواه من غيره مثل ما روى عن أبو هريرة أنه أفتى بغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات٢ وقد روى غسله سبعا عن النبي صلى الله عليه وسلم٣ وخص روايته بمذهبه ببينة أن الرواى لا يترك ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد عرف من النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص الكتاب أو نسخه وهذا فاسد عندنا لأن روايته حجة ومذهبه ليس بحجة فلا يجوز تخصيص ما هو حجة بما ليس بحجة٤ ولأنه محجوج بالخبر فلا يجوز تخصيصه بقوله كغيره.

ويبينه: أن مقتضى العموم معلوم وليس فى مقابلته إلا حسن الظن بالراوى ومعنى حسن الظن بالراوى أنه لولا أنه علم قصد الرسول صلى الله عليه وسلم ومراده من العموم لم يخالف وهذا وأن كان كذلك إلا أنه مظنون وكون العموم حجة فى جميع ما يسوغه العموم معلوم ولا يجوز ترك المعلوم بالمظنون وعلى أن خلافه لو كان يعلم مقصد الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينبغى أن يتبين ذلك لكى يزيل عن نفسه الإيهام بمخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والكلام.


١ أخرجه مسلم البيوع ٣/١١٧٩ ح ١٠٦/١٥٤٧ ولم يذكر أربعين سنة وأحمد المسند ٢/١٦ ح ٤٥٨٥.
٢ عزاه الحافظ الزيلعي لابن عدي في الكامل انظر نصب الراية ١/١٣١.
٣ أخرجه البخاري الوضوء ١/٣٣٠ ح ١٧٢ ومسلم الطهارة ١/٢٣٤ ح ٨٩/٢٧٩ وأبو داود الطهارة ١/١٨ ح ٧١ والترمذي الطهارة ١/١٥١ ح ٩١ والنسائي الطهارة ١/٤٦ باب سؤر الكلب وابن ماجه الطهارة ١/١٣٠ ح ٣٦٣.
٤ انظر المحصول ١/٤٤٩ وإحكام الأحكام ٢/٤٨٥ نهاية السول ٢/٤٧٤ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٢/٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>