للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد بعض أصحابنا أن الشافعى أشار إلى هذا فى الخبر المروى فى بئر بضاعة وقال قوله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شىء" ١ مقصور على سبببه وقال فى قوله: "لا قطع فى ثمر وكثر" ٢ أنه خرج على عادة أهل المدينة فى ثمارهم وأنها لم تكن فى مواضع محفوظة وسائر الأصحاب قالوا: إنما قال الشافعى هذه الأدلة دلت عليها فأما إذا لم يكن هناك دليل يدل على التخصيص فمذهبه إجراء اللفظ على عمومه.

واحتج من قال بذلك بأن السؤال مع الجواب كالجملة الواحدة بدليل أن السؤال هو المعتضى للجواب والمميز له وبدليل أن الجواب إذا كان مبهما أحيل به فى بيانه على السؤال وإذا ثبت أنها كالجملة الواحدة فيجب أن يصير السؤال مقدرا فى الجواب فيخصص الحكم به.

ببينة: أن السبب لما كان هو الذى أثار الحكم تعلق به تعلق المعلول بالعلة.

قالوا: ولأن من حق الجواب أن يكون مطابقا للسؤال وإنما يكون مطابقا بالمساواة وإذا أجرينا اللفظ على عمومه لم يكن مطابقا.

يدل عليه أن الخطاب جواب وليس بابتداء كلام وإذا جرينا على ما قلتم كان ابتداء الكلام ولم يكن جوابا ألا ترى أن من قال لغيره تغد معى فقال والله لا أتغدى يكون اليمين مقصورا على التغدى معه حتى لو تغدى لا معه لم يحنث وإنما كان كذلك لما بيناه قالوا: ولأن الراوى لما نقل السبب مع لفظ الجواب فلا بد له من فائدة وليس فائدة النقل إلا اقتصار الخطاب عليه فهذه كلماتهم فى المسألة.

وأما حجتنا نقول أولا كل لفظ وجب إجراؤه على العموم عند تعريه عن سؤال خاص وجب إجراؤه على العموم وأن خرج على سؤال خاص كما لو قالت امرأة لزوجها طلقنى فقال نساؤه طوالق أو كل امرأة له طالق وهذا لأن الطلاق يقع بلفظ الزوج لا بسؤال الزوجة فاعتبر عموم لفظ الزوج وخصوصه فكذا حكم الشريعة يثبت بقول الشارع لا بسؤال السائل فاعتبر عموم لفظ الشارع وخصوصه وهذا كلام.


١ أخرجه أبو داود الطهارة ١/١٧ ح ٦٦ والترمذي الطهارة ١/٩٥ ح ٦٦ وقال حديث حسن والنسائي المياه ١/١٤١ باب ذكر بئر بضاعة وأحمد المسند ٣/٣٨ ح ١١٢٦٣.
٢ أخرجه أبو داود في الحدود ٤/١٣٤ - ١٣٥ الحديث ٤٣٨٨ والترمذي في الحدود ٤/٥٢ - ٥٣ الحديث ١٤٤٩ والنسائي ٨/٨٦ وابن ماجه ٢٥٩٣ والدارمي ٢/١٧٤ والإمام أحمد في مسنده ٣/٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>