للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن قوله عليه السلام: "فيما سقت السماء العشر" ١ متفق على استعماله فى الأوساق الخمسة فما زاد فأما فيما دون الأوساق الخمسة فلا واستعمال الأمة الخبر فيما وراء الأوسق الخمسة لا يوجب ترجيحا وأيضا يقال لهم لم قلتم أن استعمال الخبر من الأمة على الجملة يوجب ترجيحا للخبر وكلا الخبرين ورد مورد الصحة ولا عذر لأحد فى ترك العمل بواحد منهما لأن الدليل الذى دل على وجوب العمل بأحد الخبرين هو الدليل الذى دل على وجوب العمل بالخبر الآخر ومتى طولبوا بمثل هذه لم يمكنهم القيام بحجة فيما زعموه ويخص الفصل الذى ذكرناه وهو إذا كان الخاص متقدما والعام متأخرا ونبين أن القول بالنسخ للخاص المتقدم بالعام المتآخر باطل ونقيم الدليل على مذهبنا فى بناء العام على الخاص والقول بقضاء الخاص على العام.

مسألة العام المتقدم لا ينسخ الخاص المتقدم بل الخاص يقضى عليه ويكون الحكم له فيما تناوله المتآخر ٢.

وعندهم الخاص المتقدم يصير منسوخا بالعام المتآخر وتعلقوا فى هذا بأشياء منها:

أن اللفظ العام فى تناوله لآحاد ما دخل تحته يجرى مجرى ألفاظ خاصة كل واحد منها يتناول واحدا فقط من تلك الآحاد لأن قوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] يجرى مجرى قوله اقتلوا زيد المشرك أو اقتلوا عمرا واقتلوا خالدا ولو قال ذلك ثم قال لا تقتلوا زيدا لكان ذلك ناسخا فكذلك ما ذكرنا ومنها أن الخاص المتقدم يتأتى نسخه والعام يمكن أن يكون ناسخا له فكان ناسخا والدليل على أنه يمكن أن يكون ناسخا لأنه يتناول ما تناوله الخاص مع الثانى وهو متآخر فينسخه.

واستدل من قال بوقوع التعارض بين الخاص والعام أن العام قد تناول ما تناوله الخاص وزيادة فتناوله لتلك الزيادة لا يؤثر فى تناوله لما تناوله الخاص وإذا كان كل واحد منهما متناولا لما تناوله صاحبه وجب أن يكونا متعارضين كالخاص والخاص والعام والعام وهذا لأن تناول العام لزيادة تجرى مجرى خبر آخر تناول تلك الزيادة ولو كان كذلك لم يؤثر فى تعارض هذين فى هذا الشىء الواحد فثبت أنهما متعارضان كالخبرين جميعا وفى ترك بناء العام على الخاص استعملا للخبر العام وتركا للخاص.


١ تقدم تخريجه.
٢ انظر المحصول ٢/٤٥٢, ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>