للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل الظاهر يتعارض الخاص والعام بكل وجه وهو قول القاضى أبى بكر الباقلانى.

وقال كثير من المعتزلة إذا كان الخاص متقدما والعام متأخرا فإنه ينسخ العام١ وإليه ذهب عامة أصحاب أبى حنيفة وقالوا: فيما إذا كان الخاص متأخرا والعام متقدما فإن كان ورد الخاص قبل أن يحضر وقت العمل بالعام فإنه يكون الخاص مقضيا به على العام وأن ورد الخاص بعدما حضر وقت العمل بالعام فإنه يكون نسخا وبيانا لمراد المتكلم فيما بعد دون ما قبل لأن البيان لا يتآخر عن وقت الحاجة هذا مذهب المعتزلة ويجوز أن يكون مذهب أصحاب أبى حنيفة على خلاف هذا ويذهبون إلى مثل ما ذهب إليه الشافعى رحمه الله.

ورأيت عن أبى الحسن الكرخى أن المتآخر ينسخ المتقدم وسواء فى ذلك كان المتآخر خاصا أو عاما.

وقد ذكر عيسى بن أبان فى الخبرين إذا تعارضا وأن كان أحدهما عاما والآخر خاصا ولم يعرف تاريخ ما بينهما وجوها من الترجيح.

منها أن يكون أحدهما متفقا على استعماله كخبر العشر فإنهم قالوا: أن قوله فيما سقت السماء العشر متفق على استعماله وخبر الأوساق متفق على استعماله.

ومنها أن يعمل معظم الأمة بأحدهما ونعيب على ترك العمل به مثل الخبر فى ربا الفضل والخبر الآخر وهو قوله عليه السلام: "لا ربا إلا فى النسيئة"٢ فإن الصحابة عابوا على ابن عباس فى ترك العمل بخبر أبى سعيد وهو الخبر الذى روى فى تحريم ربا الفضل.

ومنها أن يكون الرواة لأحدهما أشهر.

واعلم أنا إذا بينا أن الخاص يقضى به على العام بكل حال سقطت هذه الوجوه التى ذهب إليها فى الترجيح ويقال أن قوله فى خبر الأوساق أن الأمة لم يتفقوا على استعماله فليس ذلك أكثر من أنا تركنا العمل به وهذا لا يضعف الخبر وعلى.


١ انظر المعتمد ٢/١٧٦.
٢ أخرجه البخاري البيوع ٤/٤٤٥ ح ٢١٧٨, ٢١٧٩ ومسلم المساقاة ٣/١٢١٧ ح ١٠١/١٥٩٦ والنسائي البيوع ٧/٢٤٧ باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة وابن ماجه التجارات ٢/٧٥٨ ح ٢٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>