المقيد واعتبرنا التقييد فى إثبات الحكم اعترضنا على المطلق ولا بد من واحد منهما والثانى أولى لأن الأمر المقيد صريح فى وصف التقييد أعنى السوم أو وصف الإيمان فيما إذا قال إذا جنيتم فأعتقوا رقبة ثم قال إذا جنيتم فأعتقوا رقبة مؤمنة واللفظ مختص بهذا الوصف.
وأما المطلق فظاهر فى المعلوفة وليس بصريح فيها وكذلك فى المثال الثانى ليس بصريح فى الكافرة فكان الاعتراض بالصريح على الظاهر وبالنص على العام أولى لأن الخاص مقدم على العام والصريح مرجح على الظاهر هذا هو الكلام فى المطلق والمقيد إذا ورد فى حادثة واحدة والذى ذكروا من المثالين فى مسألة الطلاق والعتاق فلا يعرف ذلك على مذهبنا وإنما هو على مذهبهم.
وأما الدليل فى الفصل الثانى وهو إذا ورد المطلق والخطاب المقيد فى شيئين مختلفين مع إيجاد الحكم وهو المسألة المعروفة ومثال ذلك فى كفارة القتل وكفارة الظهار فوجه الكلام فى هذه المسألة أن يدل على أن قوله:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة ٣] لفظ عام يشتمل على جميع الرقاب والتقييد بالإيمان تخصيص وإذا ثبت هذا صح بالقياس لأنا بينا أن تخصيص العموم بالقياس جائز والدليل على أنه لفظ عام أن قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة ٣] صالح لكل رقبة لأن الرقبة اسم لكل شخص له رقبة إلا أنه اختص بالعبيد من حيث العرف فهو إذا صالح للمؤمنة والكافرة والمعيبة والسليمة والعاقلة والمجنونة وإذا صلح لكل الرقاب كان عاما فى كل الرقاب إلا أنه لفظ فى كل الرقاب من حيث البدل على معنى أنه لا يتعدد الرقبة الداخلة فى الأمر بالتحرير غير أنه ما من رقبة توجد وتسمى رقبة إلا ويتناولها اللفظ ويشتمل عليها الأمر حتى لو قصدها فيحررها تخرج عن عهدة الأمر فصار معنى قولنا من حيث البدل أنه متناول لكل الرقاب لا من حيث يدخل جميع الرقاب فى الأمر بالتحرير ولكن من حيث استرسال الأمر على الرقاب بوصف التناول وقيام البعض مكان البعض فيكون عاما من حيث المعنى أن لم يكن عاما من حيث صورة اللفظ ويمكن أن يقال أنه عام فى الأوصاف لأنه على أى وصف كانت الرقبة فهى رقبة.
وقولهم أن الوصف غير مذكور فلا يمكن دعوى العموم فيه قلنا الأوصاف لا تنفك الرقاب عنها بل هى من صورة الرقاب فصارت كالمذكورة فصح دعوى العموم فيها.