للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الدليل الواضح على أنه لفظ عام أنه يحسن منه الاستثناء بإلا وهو أن يقول: أعتق رقبة إلا أن تكون كافرة أو ذمية أو معيبة أو يقول: أعط هذا الدرهم فقيرا إلا أن يكون كافرا والاستثناء بعض ما يتناوله اللفظ ولولا أنه عام لم يتصور فيه الاستثناء لأن الاستثناء تخصيص إلا أنه دليل يتصل باللفظ والذى يتكلم فيه تخصيص بدليل منفصل عن اللفظ وإذا استويا فى معنى التخصيص فإذا قيل هذا اللفظ أحدهما قبل الآخر وقد ظهر هذا الذى قلناه الجواب عن قولهم أنه اسم فرد فهو وأن كان اسم فرد ولكنه عام فى الأوصاف أو نقول هو وأن كان اسم فرد فى الصورة لكنه اسم عام فى المعنى على ما ذكرنا من قبل بالتخصيص إنما يصح لعمومه من حيث المعنى كما صح الاستثناء بهذا الوجه ونزيد ما قلناه إيضاحا فنقول التخصيص على وجهين تخصيص بإخراج بعض المسميات من اللفظ مثل قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] فإن تخصيصه بإخراج بعض ما تناوله اللفظ من المسميات.

والوجه الثانى من التخصيص هو إفراد بعض ما يصلح له اللفظ عن البعض وأن شئت قلنا تعيين بعض ما يتناوله الاسم المبهم ونظيره قول الرجل رأيت زيدا فهذا اسم مبهم يصلح اللفظ لكل من يسمى زيدا فإذا قلت: رأيت زيدا العالم فقد أفردت بعض من يصلح له اللفظ عن البعض وعنيت بعض من يتناوله الاسم المبهم.

وإذا ثبت أن ما قلناه من حمل المطلق على المقيد بالقياس ومنع إجزاء الرقبة الكافرة تخصيص لفظ عام شامل لمسميات كثيرة بالوجه الذى قدمنا سقط قول أن تقييد الرقبة بالإيمان زيادة فى النص بل هو نقصان لأن التخصيص يكون نقصانا ولا يكون زيادة.

وقولهم أن اسم الرقبة للبنية بأجزائها قلنا نعم ولكن الإيمان والكفر وصف لهذه البنية فقال رقبة مؤمنة ورقبة كافرة كما يقال معيبة وسليمة وكما لا يتصور إلا أن تكون معيبة أو سليمة لا يتصور إلا أن تكون كافرة أو مؤمنة وقد قال الطبرى فى أصوله لا يجوز أن لا يعتقد الكفر ولا الإيمان فيخلو عنهما وهذا هوس لأنه إذا لم يعتقد الإيمان يكون كافرا ولا أن تكون لا مؤمنة ولا كافرة كما لا يتصور أن تكون لا معيبة ولا سليمة وعلى أنه يدعى أن الإيمان والكفر من أجزاء البنية لكن ادعينا أنهما وصفا البنية وادعينا العموم من حيث الأوصاف ولهذا جاز الاستثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>