الناس فقيد الله تعالى الخطاب بالصفة لإحداث البلوى بها وهذا أيضا مثل قوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الاسراء: ٣١] ومنها أن يكون غرض الشارع أن يعلم حكم المنصوص عليه بالنص ويعرف حكم ما عداه بالقياس أو بدليل وهذا غير ممتنع كما لم يمتنع أن تعرف حكم الأجناس الستة فى الربا بالنص ويعرف حكم ما عداها بالقياس عليها.
وفى تعريض المجتهد للاجتهاد تعريضه للثواب وهو نفع عظيم وغرض صحيح ومنها أن تكون المصلحة المعلومة للشارع أن يبين حكم الزكاة عند وجود صفة السوم وينفى حكم المعلوفة على ما يدل عليه العقل.
فأما إذا لم يجد دليلا يدل على وجوب الزكاة فى المعلوفة نفينا الزكاة عنها لأن العقل يدل على ذلك من حيث أنه مال الغير لا يستحق عليه إلا بدليل شرعى يدل على استحقاقه.
فإن قلتم فقد نفينا الزكاة عن المعلوفة وصرتم إلى ما قلنا نقول بلى ولكن بتعليق الزكاة بالسائمة لكن ينعدم قيام الدليل على وجوب الزكاة فى المعلوفة فإنه حكم العقل ولم ينقلنا عنه دليل شرعى وهذا الذى قلناه دليل معتمد لهم وذكروا دليلا آخر وقالوا: لو كان الحكم المقيد بالصفة فى محل يدل التقييد على نفيه فيما عداها لكان أمر الخبر كذلك ومعلوم أن الإنسان لو قال زيد الطويل فى الدار لا يدل على أن القصير ليس فى الدار ولا على أنه فيها بل هو موقوف على قيام دليل عليه فالأمر يكون كذلك.
دليل آخر لهم هو أن الأسماء مثبتة لتمييز الأجناس والأشخاص فتمييز الأجناس أن يقال خيل أو إبل وتمييز الأشخاص أن يقال فرس أو بعير والصفات موضوعة لتمييز النعوت والأحوال فتمييز النعوت بالأوصاف أن يقال طويل أو قصير وتمييز الأحوال أن يقال قائم أو قاعد فصارت الأسماء والصفات فى وصفها للتمييز شأن فإن كان تقييد الخطاب بالاسم لا يدل على نفيه عما عداه فإنه إذا قيل فى الإبل الزكاة لا يدل على نفيها عن البعير فوجب أن يكون التقييد بالصفات بمثابته فلا يدل تقييد الخطاب بها على نفى الحكم المذكور فى الخطاب عما عداه وهذا أشهر دلائلهم وأعرفها.
دليل آخر لهم قالوا: قد فرق أهل اللغة بين العطف وبين النقض وقالوا: قول.