للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن هذا الذى أوردوه ليس فى أكثره ما يعترض عليه وما قالوه على أصولهم فقد أحسنوا فى مواضعه لكن هذه الأقسام ليست بنص إنما النص ثابت بعينه وأما الثابت بعموم ودلالة لا يكون نصا إنما هو دليل مستخرج من النص وإنما المقتضى من الضمير فيجوز أن يقال أنه نص أو بمنزلة النص كما بينا أنه على وفق لسان العرب.

وقد ذكر بعض أصحاب أبى حنيفة أن العموم نص فيما يتناوله من المسميات وقد سمى الشافعى الظواهر نصا فى مجارى كلامه١ والأولى أن لا يسمى العموم نصا لأنه يحتمل الخصوص ولأن العموم فيما يدخل فيه من المسميات ليس بأرفع وجوه البيان ولكن العموم ظاهر.

ونحن نقول حد الظواهر هو لفظ معقول يبتدر إلى الفهم منه معنى مع احتمال اللفظ غيره فعلى هذا العموم ظاهر فى الاستيعاب لأنه يبتدر إلى الفهم ذلك مع أنه يحتمل غيره وهو الخصوص.

وكذلك الأمر يجوز أن يقال هو ظاهر فى الإيجاب لأنه يبتدر الفهم ذلك مع أنه يحتمل غيره وهو الندب والإباحة.

وكذلك صيغة النهى ظاهر فى التحريم ويحتمل غيره من الكراهة والتنزيه وعلى هذا قوله: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" ٢ ظاهر فى نفى الجواز ويحتمل نفى الفضيلة والكمال.

وكذلك قوله لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ظاهر فى نفى الجواز ويحتمل نفى الفضيلة وأمثال هذا تكثر.

ومن ذلك يلقى المفهوم من الخطاب المقيد بالصفة ظاهر فيما يستعمل فيه المفهوم وقد يتبع مثل هذا الظاهر فى الحروف مثل إلى الغاية وغير ذلك.

وهكذا فى الظاهر كل لفظ يحتمل معنيين وأكثر وبعضها أظهر وأولى باللفظ فيحمل على الأولى والأظهر ويكون اللفظ ظاهر فيه وهذا قريب مما ذكرناه من قبل.


١ ذكره إمام الحرمين عن الشافعي والقاضي أبو بكر وصححه انظر البرهان ١/٤١٦.
٢ أخرجه أبو داود الصوم ٢/٣٤١ والترمذي الصوم ٣/٩٩ ح ٧٣٠ والنسائي في الصوم ٤/١٦٦ باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك انظر نصب الراية ٢/٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>