للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المجمل فاعلم أنه قد يعلق المجمل على العموم ومن قولك أجملت الحساب إذا جمعت إفادة له وأن أثبته تحت صيغة جامعة ولكن المجمل على اتفاق الأصوليين مخالف للعموم وقيل المجمل ما لا يفهم منه المراد به وقيل ما عرف معناه من غيره١ فإن قال قائل هلا اكتفى الشرع بالبيان عن الإجمال قلنا أجمل ليتفاضل درجة العلاء بالاجتهاد وبدراسة معانيه.

ثم اعلم أن المحتاج إلى البيان ضربان:

أحدهما ما يحتاج إلى بيان ما لم يركب وهو العموم الذى قصد به الخصوص.

والضرب الثانى ما يحتاج إلى بيان ما فيه وهو المجمل الذى لا يفهم منه المراد ونقول الإجمال قد يكون فى الاسم المشترك مثل القرء٢ ينطلق على الحيض والطهر والشفق يطلق على الحمرة والبياض والذى بيده عقدة النكاح يطلق على الأب والزوج والمراد من اللفظة واحد من هذين فى هذه المواضع.

والاجتهاد داخل فى المراد باللفظ وكذلك يجوز أن يكون الدليل من قرينة تتصل باللفظ وقد يكون الإجمال فى المراد باللفظ مع أن اللفظ فى اللغة لشىء واحد٣ وذلك مثل قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] غير أن البيان فى هذا النوع من المجمل موقوف على الرسول صلوات الله عليه بقول منه أو فعل.

وقد يكون البيان بالاجتهاد مثل قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وقد اجتهد العلماء فى أقل الجزية وقال سبحانه وتعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] أجمل الله تعالى وكذلك ذكر العدد الذى ينعقد به الجمعة حتى اجتهد العلماء فيه وقال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ


١ اعلم أن المجمل لغة: هو المجموع يقال: أجملت الشيء جمعته ومنه أجمل الحساب جمعه وفي الاصطلاح عرف بتعريفات كثيرة نقتصر منها على تعريفين:
أحدهما: هو ما لم تتضح دلالته أي له دلالة غير واضحة.
وثانيهما: اللفظ الذي أطلق لم يفهم منه شيء انظر نهاية السول ٢/٦١ إحكام الأحكام ٣/٩ المحصول ١/٤٦٣/٤٦٤ البرهان ١/٤١٩ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/٣.
٢ انظر إحاكم الأحكام للآمدي ٣/١١ المعتمد ١/٣٠٦ نهاية السول ٢/٢٠٩ روضة الناظر ١٥٩ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/٩.
٣ انظر إحكام الأحكام للآمدي ٣/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>