للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الألفاظ التى يذكرون أنها وردت فى القرآن ليست من لغة العرب وسموا ذلك فى مواضع فاعلم أنها من لسان العرب ولا نقول إنها ليست من لسانهم لكن يجوز أن يقع موافقة بين لغة ولغة وكلمات معدودة وهذا غير مستنكر ولا مستبدع وقد قيل أن مثال هذا ما يقال بالعربية للسما سماء بالسريانية سمسا ويقال فى العربية حياة وبالعبرانية حيا ويقال سروال بالعربية وبالعجمية شروال لما يلبس وقد ذكروا أشباها آخر كهذا وإذا ثبت ما ذكرناه أن الشريعة عربية فينبغى للمجتهد أن يعلم من لغة العرب ما يحتاج إليه ويعرف طريق استعمالهم ووجوه مخارج كلامهم من مثلها.

ثم اعلم أن الأصوليين اختلفوا فى مأخذ اللغات فذهب ذاهبون إلى أنها توقيف من الله عز وجل١ وصار صائرون إلى أنها ثبتت اصطلاحا تواطؤا٢ والمختار أنه يجوز كل ذلك أما التوقيف فلا يحتاج إلى دليل فلا يجوزه وقد قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١] فيجوز أن تكون الأسماء أو حيت ويجوز أن يثبت الله فى الصدور علوما بصيغ مخصوصة لمعانى فيبين للعقلاء الصيغ ومعانيها فيكون معنى التوقيف أن يلقوا وضع الصيغ على حكم الإرادة والاختيار.

وأما الدليل على تجويز وقوعها اصطلاحا أنه لا يبعد أن يحرك الله تعالى رأس العقلاء لذلك ويعلم بعضهم مراد بعض ثم ينشئون على اختيار منهم صيغا لتلك المعانى التى يريدونها إلا ترى أن الإنسان يولد له مولود فينشىء له اسما وكذلك يجوز أن يستحدث صيغة وآلة فيصيغ اسما ولآلتها اسما فدل أن التوقيف جائز والاصطلاح جائز والظاهر فى الأسامى هذه أن بعضها كان توقيفا من الله عز وجل على ما نطق به الكتاب وبعضها كان اصطلاحا وتوقيفا.

وإذا عرف هذا فنذكر بعد هذا مسألة معروفة فى الأصول يبنى عليها مسائل وهى مسألة جواز أخذ الأسماء من جهة القياس:

فنقول اختلف أصحابنا فى جواز أخذ الأسماء من جهة القياس فذكر الأكثرون من أصحابنا أن ذلك جائز وهو اختيار ابن سريج وقد دل عليه من مذهب الشافعى.


١ ذكره الآمدي قول الأشعري وأهل الظاهر وجماعة من الفقهاء انظر إحاكم الأحكام للآمدي ١/١٠٥ المحصول ٢/٥٧, ٥٨ روضة الناظر ١٥١ البرهان ١/١٠٧.
٢ ذكره الآمدي قول بهشمية وجماعة من المتكلمين إحاكم الأحكام للآمدي ١/١٠٦ المحصول ٢/٥٧, ٥٨ روضة الناظر ١٥١ البرهان ١/١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>